حجابي وعزلتك عن أربع: هذا المنادي إلى الله في الصلاة والفلاح فلا تعوجنّه عنّي ولا سلطان لك عليه، وطارق الليل فلا تحجبه فشرّ ما جاء به ولو كان خيرا ما جاء في تلك الساعة، ورسول الثّغر فإنه إن أبطأ ساعة أفسد عمل سنة فأدخله عليّ وإن كنت في لحافي وصاحب الطعام فإن الطعام إذا أعيد تسخينه فسد» .
ثم تصرّف الناس في هذا اللقب ووضعوه في غير موضعه، حتّى كان في أعقاب خلافة بني أمية بالأندلس ربما أطلق على من قام مقام الخليفة في الأمر، وكانوا في الدولة الفاطميّة بالديار المصرية يعبّرون عنه بصاحب الباب كما سبق بيانه في المقالة الثانية في الكلام على ترتيب دولتهم. أما في زماننا فإنه عبارة عمن يقف بين يدي السلطان ونحوه في المواكب، ليبلّغ ضرورات الرعية إليه، ويركب أمامه بعصا في يده، ويتصدّى لفصل المظالم بين المتداعيين خصوصا فيما لا تسوغ الدعوى فيه من الأمور الدّيوانية ونحوها. وله ببلاد المغرب والأندلس أوضاع تخصّه في القديم والحديث، على ما سيأتي ذكره في الكلام على مكاتباتهم في المقالة الرابعة إن شاء الله تعالى.
السابع- صاحب الشّرطة
. بضم الشين المعجمة وإسكان الراء: وهو المعبّر عنه في زماننا بالوالي، وتجمع الشّرطة على شرط بضم الشين المعجمة وفتح الراء. وفي اشتقاقه قولان: أحدهما أنه مشتق من الشّرط بفتح الشين والراء وهي العلامة، لأنهم يجعلون لأنفسهم علامات يعرفون بها، ومنه أشراط الساعة يعني علاماتها، وقيل من الشّرط بالفتح أيضا: وهو رذال المال، لأنهم يتحدثون في أرذال الناس وسفلتهم ممن لا مال له من اللّصوص ونحوهم.
الصّنف الثاني (ألقاب أرباب الأقلام، وفيه ثلاثة ألقاب)
الأوّل- القاضي
. وهو عبارة عمن يتولّى فصل الأمور بين المتداعيين في الأحكام الشرعيّة. وهي وظيفة قديمة كانت في زمن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. فقد ذكر القضاعيّ