هذه الطائفة مع ظهور الإسلام فيهم وإقرارهم بالشهادتين مخالفون لأحكامها في كثير من الأمور، واقفون مع ياسة جنكز خان التي قرّرها لهم وقوف غيرهم من أتباعه، مع مؤاخذة بعضهم بعضا أشدّ المؤاخذة في الكذب والزّنا ونبذ المواثيق والعهود. وقد جرت عادة ملوكهم أنهم إذا غضبوا على أحد من أتباعهم، أخذوا ماله وباعوا أولاده، وأن في سلطان هذه المملكة طوائف الجركس والرّوس والآص، وهم أهل مدن عامرة آهلة، وجبال مشجرة مثمرة، ينبت عندهم الزرع، ويدرّ لهم الضّرع، وتجري الأنهار، وتجنى الثمار، وهم وإن كان لهم ملوك فهم «١» كالرعايا، فإن داروه بالطاعة والتّحف كفّ عنهم، وإلا شنّ عليهم الغارات، وضايقهم، وحاصرهم، وقتل رجالهم، وسبى نساءهم، وذراريّهم، وجلب رقيقهم إلى أقطار الأرض. ثم قال: والقسطنطينيّة مجاورة لأطراف ملك القبجاق وملك الروم معه في كلب «٢» دائم، وافتراءات متعدّدة في كل وقت، وملك الروم، على توقد جمرته، وكثرة حماته وأنصاره، يخاف غارته وشرّه، ويتقرّب إليه، ويداريه، ويدافع معه الأيام من وقت إلى وقت منذ تديّر «٣» ملوك بني جنكز خان هذه المملكة. وما تخلو بينهم مدّة عن تجديد عهود ومسالمة إلى مدة تؤجل بينهم، وأشياء تحمل من جهة ملك الروم إلى ملكهم.
الجملة الثامنة في مقدار عسكر هذه المملكة، وترتيبها، ومقادير الأرزاق الجارية عليهم، وزيّهم في اللبس
أما مقدار عسكرها، فقد ذكر في «مسالك الأبصار» عن الشيخ علاء الدين ابن النّعمان أن عساكرها كثيرة تفوت الحصر، لا يعلم لها مقدار إلا أنه خرج مرة عليه وعلى القان الكبير اسنبغا سلطان ما وراء النهر خارج، فجرّد إليه من كل