قسمناه منها غير مؤقّت فكيف التوصّل إلى ما يضبط به ذلك؟ - فقالوا: يجب أن نعرف ذلك من أمور الفرس، فاستحضر الهرمزان «١» وسأله- فقال: إن لنا حسابا نسمّيه (ماه زور) ومعناه حساب الشّهور والأيام فعمل عمر التاريخ.
[الجملة الخامسة (في بيان صورة ابتدائهم وضع التاريخ من الهجرة)]
قال في «ذخيرة الكتّاب» : لما أراد عمر التأريخ، جمع الناس للمشورة، فقال بعضهم: نؤرّخ بمبعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم- وقال بعضهم: بل بوفاته- وقال بعضهم: بل بهجرته من مكة إلى المدينة؛ لأنها أوّل ظهور الإسلام وقوّته.
فصوّبه عمر واجتمع رأيه عليه؛ وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد ولد في عام الفيل المقدّم ذكره في التواريخ القديمة. قال في «ذخيرة الكتّاب» : وكان وقوع ذلك في اليوم الثاني عشر من شباط سنة ثمانمائة واثنتين وثمانين لذي القرنين. وبعث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على رأس أربعين سنة من ولادته، وأقام بمكة بعد النبوّة عشر «٢» سنين؛ ثم هاجر إلى المدينة في شهر ربيع الأوّل بعد عشر من النبوّة، وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة منه.
ثم بعد اتفاقهم على التأريخ من الهجرة اختلفوا في الشهر الذي تقع البداءة «٣» به، فأشار بعضهم بالبداءة برمضان لشرفه وعظمه- فقال عمر بل بالمحرّم؛ لأنه منصرف الناس من حجّهم، فرجعوا «٤» القهقرى ثمانية وستين يوما، وهي القدر الذي مضى من أوّل المحرّم [إلى ذلك الوقت]«٥» واستقر تاريخ الإسلام من الهجرة.