الطرف الرابع (في الصلاة والسّلام على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه في أوائل الكتب)
لا نزاع في أن الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مطلوبة في الجملة، وناهيك في ذلك قوله تعالى في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً
«١» والأحاديث الواردة في الحثّ على ذلك أكثر من أن تحصر، فناسب أن تكون في أوائل الكتب، تيمّنا وتبرّكا. وقد جاء في تفسير قوله تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ
«٢» أن المعنى ما ذكرت إلا وذكرت معي. فإذا أتي بالحمد في أوّل كتاب، ناسب أن يؤتى بالصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أوّله، إتيانا بذكره بعد ذكر الله تعالى. وقد روي من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:«من صلّى عليّ في كتاب لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب» . قال الشيخ عماد الدين في تفسيره: إلا أنه ضعيف، ضعّفه المحدّثون. قال محمد بن عمر المدائنيّ في «كتاب القلم والدواة» : وقد رأينا بعض الكتّاب لا يرى الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الكتب، فباءوا بأعظم الوزر مع ما فاتهم من الثواب.
وأمّا السّلام عليه صلّى الله عليه وسلّم بعد التصلية، فقد قال الشيخ محيي الدين النوويّ في كتابه «الأذكار» : وإذا صلّى على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فليجمع بين الصلاة والتسليم ولا يقتصر على أحدهما فلا يقال صلّى الله عليه فقط، ولا عليه السلام فقط. قال الشيخ عماد الدين بن كثير: وهذا منتزع من قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ
الآية «٣» .
وأما الصلاة على الآل والصحب بعد الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقد نقل