كان أوّل أمرهم أن المهديّ محمد بن تومرت، كان إماما متضلّعا بالعلوم، قد حجّ ودخل العراق واجتمع بأئمته من العلماء والنّظّار، كالغزاليّ [وإلكيا الهرّاسي]«١» وغيرهما، وأخذ بمذهب الأشعريّة أهل السنة، ورجع إلى الغرب وأهله يومئذ على مذهب أهل الظاهر في منع التأويل، فاجتمع إليه قبائل المصامدة من البربر وجعل يبثّ فيهم عقائد الأشعريّة، وينهى عن الجمود على الظاهر، وسمّي أتباعه الموحدين، تعريضا بتكفير القائلين بالتجسيم الذي يؤدّي إليه الوقوف على الظاهر.
وكان الكهّان يتحدّثون بظهور دولة بالمغرب لأمّة من البربر، وصرفوا القول في ذلك إليه، ودعا المصامدة إلى بيعته على التوحيد وقتال المجسّمين سنة خمس عشرة وخمسمائة فبايعوه على ذلك.
ولما كملت بيعته لقّبوه المهدي، وكان قبل ذلك يلقّب الإمام، وأخذوا في قتال المرابطين من لمتونة حتّى استقاموا على الطاعة. وتوفّي المهديّ سنة ثنتين وعشرين وخمسمائة.
وقام بالأمر بعده (عبد المؤمن) بن عليّ بعهده إليه. فكان من أمره ما تقدّم من استيلائه على العدوتين وانقراض ملك المرابطين بهما، وكان ذلك من سنة أربع وثلاثين وخمسمائة إلى سنة إحدى وأربعين. ثم صرف همّه إلى بجاية وأفريقيّة فافتتحهما، واستخلص المهديّة والبلاد الساحلية التي كانت النصارى قد