[النوع الأول حسن السيرة وشرف المذهب؛ ولذلك شروط ولوازم]
منها اعتماد تقوى الله تعالى في الإسرار والإعلان، والإظهار والإبطان، والمحافظة عليها، والاستناد إليها في مبادي الأمور وعواقبها. فإنها العروة التي لا تنفصم، والحبل الذي لا ينصرم، والركن الذي لا ينهدم، والطريق التي من سلكها اهتدى، ومن حاد عنها ضلّ وترّدى؛ والمحافظة على شرائع الدين التي فرضها الله تعالى على خلقه والحذر من الاستخفاف فيها بحقه، وتوقّي غضبه بتأديتها، والاستجنان «١» من شقاء الدنيا والآخرة بتوقّيها.
ومنها طلب الأجر «٢» بما ينيله من عز سلطانه ويجديه من فواضل نعمائه، وهذا هو أصح الأغراض التي يجب على كل عاقل أن يقدّمه على كل غرض، ويحصل منه على السهم الوافر؛ فلا خير في دنيا تنقطع السعادة عنها، وإنما السعادة بعد الموت وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ
«٣» ، ومن اختار الفاني المنصرم على الباقي الدائم، فقد خسرت صفقته، وبارت تجارته.
والطريق الموصّل إلى هذا المقصد صلاح النيّة فيما يتولاه من أمور السلطان، وقصد النفع العامّ له ولرعيته، والاجتهاد في إغاثة الملهوف، والأخذ بيد الضعيف، والنفع بجاهه عند سلطانه، وحمله على العدل في الرعيّة، فإذا توخّى ذلك فاز بثواب الله تعالى، وقضى حقّ السلطان فيما عرضه له من الشكر والأجر، وقابل نعمة الله التي أقدره بها على هذه الأفعال الجميلة