العفيف أخذ ولده الشيخ عماد الدين، ويقال: إنه كان كابن البوّاب في زمانه؛ وعن الشيخ عماد الدين بن العفيف أخذ الشيخ شمس الدين بن أبي رقيبة محتسب الفسطاط، وهو ممن عاصرناه؛ وأخذ عنه شيخنا الشيخ شمس الدين محمد بن عليّ الزّفتاويّ المكتّب بالفسطاط، وصنف مختصرا في قلم الثلث مع قواعد ضمّها إليه في صنعة الكتابة، أحسن فيه الصنيع؛ وبه تخرّج صاحبنا الشيخ زين الدّين شعبان بن محمد بن داود الآثاريّ «١» محتسب مصر، ونظم في صنعة الخط ألفية وسمها ب «- العناية الرّبانية في الطريقة الشّعبانية» لم يسبق إلى مثلها؛ ثم توجه بعد ذلك إلى مكة، ثم إلى اليمن والهند؛ ثم عاد إلى مكة فأقام بها ونبغ.
قلت: وقد علم مما تقدّم ذكره أن ألقاب الأقلام: من الثلثين والنصف والثّلث وخفيف الثلث والمسلسل والغبار قديمة، وإن وقع في أذهان كثير من الناس أنها من مخترعات ابن مقلة وابن البوّاب فمن بعد هما.
الطرف الرابع في عدد الحروف، وجهة ابتدائها، وكيفية ترتيبها؛ وفيه خمس «٢» جمل
[الجملة الأولى في مطلق الحروف في جميع اللغات]
واعلم أن الحروف تختلف باختلاف اللّغات بحسب تعدّد مخارجها، فحروف السّريانيين، والرّوم، والفرس، والصّقلب، والتّرك، من أربعة وعشرين حرفا إلى ستة وعشرين حرفا؛ وحروف العبرانيين، واليونانيين، والقبط الأول، والهنود وغيرهم من اثنين وثلاثين إلى ستة وثلاثين؛ فيوجد في غير العربية من الحروف ما لا يوجد في العربية، كما يوجد في العربية ما لا يوجد في غيرها من