للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النمط الثاني (ما يقع التفاوت فيه بحسب لحوق ياء النسب وتجرّده منها)

قد تقدّم أن الألقاب المفردة منها ما تلحق به ياء النسب ومنها ما يتجرّد عنها، وأن الذي تلحقه ياء النسب منها منه ما هو منسوب إلى شيء خارج عن صاحب اللقب كالقضائيّ فإنه منسوب إلى القضاء الذي هو نفس الوظيفة، فيكون النسب فيه على بابه، ومنه ما هو منسوب إلى صاحب اللّقب نفسه كالأميريّ فإنه نسبة إلى الأمير وهو عين صاحب اللقب فدخلت فيه ياء النسب للمبالغة، كما في قولهم لشديد الحمرة أحمريّ على ما تقدّم بيانه.

وبالجملة فقد اصطلحوا على أن يكون ما لحقت به ياء النسب ارفع رتبة مما تجرّد عنها، سواء منسوبا إلى نفس صاحب اللقب أو غيره، فيجعلون الأميريّ أعلى رتبة من الأمير، والقضائيّ أرفع رتبة من القاضي؛ ثم يجعلون المنسوب إلى نفس صاحب اللقب أرفع رتبة من المنسوب إلى شيء خارج عنه؛ ومن أجل ذلك جعلوا القاضويّ «١» أرفع رتبة من القضائيّ. أما كون ما لحقت به ياء النسب «٢» أرفع رتبة من المجرّد عنها فظاهر؛ لأن المبالغة تقتضي الرفعة ضرورة؛ وأما كون المنسوب إلى شيء آخر غير المنسوب إليه يقتضي الرفعة وإن لم يكن فيه مبالغة، فللإلحاق بما فيه المبالغة استطرادا، لئلا يلتبس الحال في النسبتين على الضعيف الفهم فلا يفرق بين ما هو منسوب إلى هذا وبين ما هو منسوب إلى ذاك. على أنهم لم يقفوا مع (الحكم في كون ما دخلت عليه ياء النسب أرفع مما لم تدخل عليه فقد استعملوا الأجل ونحوه في الألقاب السلطانية التي هي أعلى الألقاب، فقالوا: «السلطان الأجلّ العالم العادل» إلى آخر ألقابه المفردة من غير إلحاق ياء النسب بها؛ ثم استعملوا مثل ذلك في ألقاب السامي بغير ياء فما دونه مما هو أدنى الألقاب رتبة. وكأنهم اكتفوا بمكانة

<<  <  ج: ص:  >  >>