ويجفّفونه فيبقى عندهم من السنة إلى السنة، وربما استخرجوا ماءه وصنعوا منه الحلوى؛ وعندهم من الخضراوات اللّفت، والجزر، والكرنب، وغير ذلك، ثم قال: وكذلك مدن الجركس والرّوس والآص، وبها العسل الكثير الأبيض اللّون اللذيذ الطّعم الخالي من الحدّة.
[الجملة السادسة في المعاملات والأسعار بها]
أما المعاملات فقد ذكر في «مسالك الأبصار» عن عبد الرحمن الخوارزميّ التّرجمان أن دينارهم رابح كما في غالب مملكة إيران، وهو الذي عنه ستة دراهم، وأن الحبوب تباع كلها عندهم بالرّطل، وذكر أن رطل خوارزم زنته ثلاثمائة وثلاثون درهما.
وأما الأسعار فقد ذكر في «مسالك الأبصار» عن الصدر زين الدين عمر بن مسافر أن الأسعار في جميع هذه المملكة رخيّة إلى الغاية إلا كركنج أمّ إقليم خوارزم فإنها متماسكة في أسعار الغلات قلّ أن ترخص، بل إما أن تكون غليّة أو متوسطة لا يعرف [بها] الرّخص أبدا. ثم ذكر عن شجاع الدين عبد الرحمن الخوارزميّ التّرجمان: أن الأسعار في خوارزم والسّراي لا يكاد يتباين ما بينهما. قال: والسعر المتوسط عندهم القمح بدينارين ونصف، وكذلك الماش والشعير بدينارين، وكذلك الدخن والجاورس، وربما زاد، والغالب أن يكون سعره مماثل سعر القمح؛ واللحم الضأن على السعر المتوسط كل ثلاثة أرطال بدرهم. وذكر ابن مسافر أن اللحوم بها رخيصة، وأكثر ما يذبح بها الخيل.
وأما سكّان البر فإن اللحم لا يباع لديهم ولا يشترى لكثرته، وغالب أكلهم لحوم الطير واللبن والسمن، وإن تلف لأحد منهم دابة من فرس أو بقرة أو شاة أو غير ذلك، ذبحها وأكل هو وأهله منها، وأهدى لجيرانه، فإذا تلف عند من أهدى إليه شيء من ذلك، ذبحه أيضا وأهدى لجيرانه، فلهذا لا تكاد بيوتهم تخلو من اللحم.