التابع إلى السلطان واقعا في باب الإخبار بأحوال ما ينظر فيه من الأعمال، وما يجري على يديه من المهمّات. قال في «موادّ البيان» : فسبيله أن يوفّي حقّه في الشرح والبيان، ويسلك فيه طريقة يجمع فيها بين إيضاح الأغراض من غير هذر يضجر ويملّ، ولا اختصار يقصّر ويخلّ، وأن يقصد إلى استعمال الألفاظ السّهلة التي تصل معانيها إلى الأفهام من غير كلفة، ويتجنب ما يقع فيه تعقيد وتوعير أو إبهام، إلا أن يعرض له في المكاتبة ما يحتاج إلى التّورية والكناية كما تقدّم فيما إذا أطلق عدوّ لسانه في السلطان فإنه يحتاج إلى الكناية عنه على ما مرّ.
القسم الثالث (ما يكتب به إلى الأكفاء «١» والنّظراء، والطبقة الثانية من الرؤساء)
قال في «موادّ البيان» : وسبيل مكاتبتهم أن يؤتى فيها باللفظ المساوي للمعنى من غير إيجاز ولا إطناب؛ لأنها رتبة متوسطة بين الرّتبتين المتقدّمتين.
ولا يخفى أنّ ما ذكره إنما هو عند الوقوف مع حقائق المكاتبات. أما الإخوانيّات المطلقة، فإنها تكون في الطّول والقصر بحسب ما بين الصديقين من المودّة والقرب، وما يعلمه كلّ واحد منهما من خلق الآخر، وما توجبه دالّته عليه.
وسيأتي في مقاصد المكاتبات من أمثلة الأقسام الثلاثة ما يوضّح مقاصدها ويقرّب مآخذها إن شاء الله تعالى.
الطّرف الثالث (في أمور تختص بالأجوبة، وفيه جملتان)
الجملة الأولى (في بيان أيّ الأمرين من الابتداء والجواب أعلى رتبة وأبلغ في صناعة الكتابة)
وقد اختلف الكتّاب في ذلك، فذهب أكثر البلغاء إلى أن الكتب الجوابيّة