المقصد الثاني (في بيان الولايات الّتي تصدر عن نوّاب السلطنة بالممالك الشامية)
قد تقدّم في الكلام على الولايات الصادرة عن الأبواب السلطانية بالممالك الشامية، أنّ نوّاب هذه الممالك يستبدّون بتولية ولاة الأعمال، وقد يستبدّون أيضا بتولية صغار النّواب، كالقلاع والبلدان الّتي تكون نيابتها إمرة عشرة. وربّما استبدّوا بتولية بعض النيابات التي تكون نيابتها إمرة طبلخاناه؛ إلّا أنّ تولية العشرات عن النّواب أكثر وتولية الطبلخاناه عن السّلطان أكثر. أمّا النيابات الّتي تكون نيابتها تقدمة ألف، فإنّها مختصة بالسلطان.
والنيابات الّتي يكون متولّيها جنديّا أو مقدّم حلقة فإنّها مختصة بالنوّاب. وأنّ تولية أكابر أرباب الأقلام: ككاتب السّرّ، والوزير بالشّام، حيث جعلت وزارة، وناظر النّظار، حيث جعلت نظرا، وأصحاب دواوين المكاتبات، ونظّار المال بسائر الممالك، ونظّار الجيش، وقضاة القضاة بها- فإنّ التولية في ذلك تختص بالسلطان دون النوّاب. وما عدا ذلك يولّي فيه السلطان تارة، والنّوّاب أخرى.
وربّما حصلت الولاية في بعض ذلك من بعض النّوّاب ثم يكتب من الأبواب السلطانية بالحمل عليها، على ما تقدم بسط القول فيه هناك، فليراجع منه.
[المقصد الثالث (في افتتاحات التواقيع والمراسيم بتلك الولايات]
تقدّم في الكلام على الولايات الصادرة عن الأبواب السلطانية أنّه يراعى فيها براعة الاستهلال في الافتتاح وأنّ الافتتاح فيها ب «الحمد لله» أعلى من الافتتاح ب «أما بعد» ، والافتتاح ب «أمّا بعد» أعلى من الافتتاح ب «- رسم بالأمر الشريف» ، وأنّ لفظ «أما بعد» أعلى من لفظ «وبعد» ، وأنه يراعى في الولايات وصف المتولّي والولاية، ويؤتى لكلّ أحد من ذلك بما يناسبه من صفات المدح، ثم يقال:«ولما كان فلان هو المشار إليه بالصفات المتقدّمة، اقتضى حسن الرّأي أن يستقرّ في كذا ونحو ذلك» . ثم يؤتى من الوصايا بما يناسب مقام الولاية والمتولّي لها، ثم يؤتى بالاختتام: من المشيئة والتّاريخ،