ومقتضى كلام ابن العميد أنهم أتباع نسطوريوس بطرك القسطنطينيّة.
ويحكى عنه أن من مذهبه أن مريم عليها السلام لم تلد إلها، وإنما ولدت إنسانا، وإنّما اتّحد في المشيئة لا في الذّات، وأنه ليس إلها حقيقة بل بالموهبة والكرامة.
ويقولون بجوهرين وأقنومين، وإن كرلس بطرك الإسكندرية وبطرك رومية خالفاه في ذلك، فجمعا له مائتي أسقفّ بمدينة أفسس «١» ، وأبطلوا مقالة نسطوريوس وصرّحوا بكفره، فنفي إلى إخميم من صعيد مصر ومات بها، فظهر مذهبه في نصارى المشرق: من الجزيرة الفراتيّة والموصل والعراق وفارس «٢» والذي ذكره الشّهرستانيّ في «النّحل والملل» أنهم منسوبون إلى نسطور الحكيم الذي ظهر في زمان المأمون، وتصرّف في الأناجيل بحكم رأيه، وقال: إن الله تعالى واحد ذو أقانيم ثلاثة: الوجود والعلم والحياة؛ وإن هذه الأقانيم ليست بزائدة على الذّات ولا هي هي، وإن الكلمة اتّحدت بجسد المسيح عليه السّلام لا على طريق الامتزاج، كما ذهبت إليه الملكانيّة، ولا على طريق الظّهور كما قالته اليعقوبيّة، ولكن كإشراق الشّمس في كوّة، أو كظهور النّقش في الخاتم؛ قال الشّهرستانيّ: ويعني بقوله إنه واحد بالجوهر أنه ليس مركّبا من جنس بل هو بسيط واحد. ويعني بالحياة والعلم أقنومين جوهرين أي أصلين مبدأين للعالم. قال:
ومنهم من يثبت لله تعالى صفات زائدة على الوجود والحياة والعلم: كالقدرة والإرادة ونحوهما. ومنهم من يطلق القول بأن كلّ واحد من الأقانيم الثلاثة حيّ ناطق إله. ومنهم من يقول: إن الإله واحد، وإن المسيح ابتدأ من مريم عليها السلام،