ما جبر به العدد بمعنى أنه جاء دبره، ويسمون الخميس مؤنسا لأنه يؤنس به لبركته- قال النحاس: ولم يزل ذلك أيضا في الإسلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يتبرّك به ولا يسافر إلا فيه وقال:«اللهمّ بارك لأمّتي في بكورها يوم خميسها» - ويسمّون الجمعة العروبة (بفتح العين مع الألف واللام) وفي لغة شاذّة عروبة بغير ألف ولام مع عدم الصرف، ومعناه اليوم البيّن أخذا من قولهم: أعرب إذا أبان، والمراد أنه بيّن العظمة والشّرف، إذ لم يزل معظّما عند أهل كل ملة وجاء الإسلام فزاده تعظيما؛ وقد ثبت في صحيح مسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال:«خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه دخل الجنّة، وفيه أخرج منها» . ويسمّونه أيضا حربة بمعنى أنه مرتفع عال كالحربة التي هي كالرّمح، كما يقال محراب لارتفاعه وعلوّ مكانته، ويسمّون السبت شيارا (بفتح الشين المعجمة وكسرها مع الياء المثناة تحت) أخذا من شرت الشيء إذا استخرجته وأظهرته من مكانه، إمّا بمعنى أنه استخرج من الأيام التي وقع فيها الخلق على مذهب من يرى أنه آخر أيام الأسبوع وأن ابتداء الخلق الأحد وانتهاءه الجمعة، وإما بمعنى أنه ظهر أوّل أيام الجمعة على مذهب من يرى أنه أوّل الجمعة وكان ابتداء الخلق فيه، وإلى هذه الأسماء يشير النابغة بقوله:
أؤمّل أن أعيش وأنّ يومي ... لأوّل أو لأهون أو جبار
أو التالي دبار فإن أفته ... فمؤنس أو عروبة أو شيار
الرواية الثالثة- ما حكاه النحاس عن الضّحّاك
: أن الله تعالى خلق السموات والأرض في ستّة أيام، ليس منها يوم إلا له اسم: أبجد هوّز حطّي كلمن سعفص قرشت. وقد حكى السهيلي رحمه الله أن الأسماء المتداولة بين الناس الآن مرويّة عن أهل الكتاب، وأن العرب المستعربة لما جاورتهم أخذتها عنهم، وأن الناس قبل ذلك لم يكونوا يعرفون إلا الأسماء التي وضعتها العرب العاربة وهي أبجد هوّز حطّي كلمن سعفص قرشت التي خلق الله تعالى فيها سائر المخلوقات:
علويّها وسفليّها. وهذا يخالف ما تقدّم في الرواية الثانية عن العرب العاربة؛ وعلى أنها أسماء للأيام التي وقع فيها الخلق يحتمل أن يكون أبجد اسما للأحد