للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النوع الثاني المعرفة باللغة العجمية]

، وهي كل ما عدا العربية: من التركية، والفارسيّة، والرّوميّة، والفرنجية، والبربريّة، والسّودان، وغيرهم؛ وفيه مقصدان

المقصد الأوّل في بيان وجه احتياج الكاتب إلى معرفة اللّغات العجمية

لا يخفى أن الكاتب يحتاج في كماله إلى معرفة لغة الكتب التي ترد عليه لملكه أو أميره ليفهمها ويجيب عنها من غير اطّلاع ترجمان عليها، فإنه أصون لسرّ ملكه، وأبلغ في بلوغ مقاصده.

وقد روى محمد بن عمر المدائني في «كتاب القلم والدواة» بسنده إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: «قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنه يرد عليّ أشياء من كلام السّريانيّة لا أحسنها فتعلّم كلام السّريانيّة! فتعلّمتها في ستّة عشر يوما» وفي رواية قال: «قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أتحسن السّريانيّة؟ فإنّه يأتيني كتب بها، قلت لا. قال فتعلّمها! فتعلّمتها في سبعة عشر يوما، فكنت أجيب عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأقرأ كتب يهود إذا وردت عليه» وفي رواية، قال:

«قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا زيد تعلّم كتاب يهود فإنّي والله لا آمن يهود على كتابي، قال: فتعلمت كتابتهم فما مرّ لي ستّ عشرة ليلة حتّى حذقته فكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه وأجيب إذا كتب» وفي رواية العبرانية بدل السّريانية.

قال محمد بن عمر المدائني: بل قد قيل إن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يفهم اللغات كلّها وإن كان عربيا لأن الله تعالى بعثه إلى الناس كافّة ولم يكن الله بالذي يبعث نبيّا إلى قوم لا يفهم عنهم، ولذلك كلّم سلمان بالفارسية. وساق بسنده إلى عكرمة «١» أنه قال: سئل ابن عبّاس هل تكلّم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالفارسيّة قال

<<  <  ج: ص:  >  >>