وقد رأى أمير المؤمنين أن يجازيك عن هذا الفتح العظيم، والمقام المجيد الكريم، بخلع «١» تامّة، ودابّتين بمركبين «٢» من ذهب من مراكبه، وسيف وطوق وسوار مرصّع، فتلقّ ذلك بشكر الله «٣» تعالى عليه، والاعتداد بنعمته فيه، والبس خلع أمير المؤمنين وتكرمته، وسر [من بابه]«٤» على حملاته، وأظهر ما حباك به لأهل حضرته، ليعزّ الله بذلك وليّه ووليّك، ويذلّ عدوّه وعدوّك، إن شاء الله تعالى، والسّلام عليك ورحمته وبركاته. وكتب فلان «٥» لثمان بقين من شهر ربيع الأوّل سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، أطال الله بقاءك، وأدام عزّك، وأجزل «٦» حفظك وحياطتك، وأمتع أمير المؤمنين بك وبالنعمة فيك وعندك.
قلت: وهذا الصنف من المكاتبات السلطانية باق على الاستعمال، متى أنعم السلطان على نائب سلطنة أو أمير أو وزير أو غيره بخلعة بعث بها إليه وكتب قرينها مثال شريف بذكر ذلك، إلّا أنه أهمل في ذلك السّجع والازدواج، واقتصر فيه على الكلام المحلول كما في غيره من المكاتبات، إلّا في النادر المعتنى بشأنه.
الصنف العشرون (المكاتبة بالتّنويه والتلقيب)
قال في «موادّ البيان» : جرت عادة الخلفاء بالكتابة بالتلقيب، لأن اللّقب موهبة من مواهب الإمام، أمضاها وأجازها، فإذا جرت عليه كانت كغيرها من نعمه التي يمنحها على عبيده، والكنية تكرمة يستعملها الناس فيما بينهم، فليس حكمها كحكم اللّقب.