قال: والرسم في هذه الكتب أن تفتتح بحمد الله على نعمه السّابغة الضّافية، ومواهبه الزّاهية النامية، وعوارفه التي جعلها جزاء للمحسنين، وزيادة للشّاكرين، ونحو هذا مما يليق أن يفتتح به هذا الغرض، والصّلاة على سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم. ثم يقال:
وإنّ أمير المؤمنين بما خوّله الله تعالى من نعمه، وبوّأه من قسمه، وخصّه به من التمكين في أرضه، والمعونة على القيام بفرضه، يرى المنّ على خلصائه، وإسباغ النّعم على أوليائه، واختصاصهم بالنّصيب الأوفر من حبائه، والإمالة بهم إلى المنازل الباذخة، والرّتب الشّامخة، وإن أحقّ من وفر قسمه من مواهبه، وغزر سهمه من عطاياه ورغائبه، من تميّز بما تميزت به من إخلاص ومطاوعة، وولاء ومشايعة، وانقياد ومتابعة، وصفاء عقيدة وسريرة، وحسن مذهب وسيرة، ولذلك رأى أمير المؤمنين أن ينعتك بكذا لاشتقاقه هذا النّعت من سماتك، واستنباطه إياه من صفاتك، وشرّفك من ملابسه بكذا، وطوّقك بطوق أو بعقد وقلّدك بسيف من سيوفه، وعقد لك لواء من ألويته، وحملك على كذا من خيله وكذا من مراكبه.
وبحسن الوصف في كلّ نوع من هذه الأنواع واشتقاق الألفاظ من معانيه، يعرب عن قدر الموهبة فيه. ثم يقال: إبانة لك عن مكانك من حضرته، وإثابة على تشميرك في خدمته، فالبس تشريفه وتطوّق، وتقلّد ما قلّدك به، واركب حمولاته، وابرز للخاصّة والعامّة في ملابس نعمائه، وارفل في حلل آلائه، وزيّن موكبك بلوائه، وقل رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي*
«١» وأعنّي على ما يسترهنها لديّ، وخاطب أمير المؤمنين متلقبا بسمتك متنعّتا بنعتك.
وهذه نسخة مكاتبة إلى الأفضل «٢» بن ولخشي، وزير الحافظ «٣» لدين الله