له أوّلها التعلّق بحبل رجائه المحصد، وانتمائه المرصد، والتجمّل بقصد باب مولانا الذي هو المهمّ المقدّم على كل مقصد، وهو من الفضلاء الذين يعرفهم انتقاد مولانا معرفة الخبير، وله اتصال بالأكابر الذين سلّم منهم زمام المفاخر كلّ كبير، وقصد من المملوك هذه الخدمة لمولانا تؤنس اغترابه، وتنشد المقرّ الذي ما قرع سنّ الندامة من قرع بابه (خفيف) :
يا غريب الصّفات، حقّ لمن كان ... غريبا أن يرحم الغرباء
والمملوك يسأل من إحسان مولانا ملاحظة المذكور بعين عنايته الّتي ما أغفت عن القاصدين ولا غفلت، وعواطفه الّتي طالما فتحت أبوابها فأثنت عليها الركائب الّتي قفلت؛ والله تعالى يديم تقليد الأعناق بكلمه وبرّه، ويمتّع الممالك الساحليّة بما قذف لها من درر بحره.
النوع الخامس (التشوّق)
قال في «موادّ «١» البيان» : وينبغي للكاتب أن يجمع لها فكره، ويظهر فيها صناعته، ويأخذ في نظمها مأخذا من اللّطافة والرّقّة يدلّ على تمازج الأرواح، وأتلاف القلوب، وما يجري هذا المجرى، وأن يستخدم لها أعذب لفظ وألطف معنى، ويذهب فيها مذهب الإيجاز والاختصار، ويعدل عن سبل الإطناب والإكثار، لئلا يستغرق جزءا كبيرا من الكتاب فيملّ ويضجر، وينتظم في سلك الملق والتكلّف اللذين لا يعتادهما المتصافون من الأصدقاء.