لبعض ملوكها في بعض الأزمان، ومدن دون ذلك يأتي الكلام على جميعها بعد ذكر الكور القديمة والأعمال المستقرّة إن شاء الله تعالى.
وأما المباني العظيمة الباقية على ممرّ الأزمان
- فاعلم أن ملوك مصر الأقدمين كان لهم من العناية بالبناء ما ليس لغيرهم، وكانوا يتفاخرون بذلك لإخباره على طول الزمن بعظمة ملكهم واقتدارهم على ما لم يبلغه غيرهم. ومن أعظم أبنيتهم (الأهرام)«١» وهي قبور اتخذوها في غاية الوثاقة حفظا لأجسامهم، وكان لهم بها العناية التامة، وابتنوا منها عدة بالجبل الغربي من النيل، بعضها مقابل الفسطاط، وبعضها ببوصير السّدر وسقّارة ودهشور من الأعمال الجيزية، وبعضها بميدوم من البهنساوية؛ وأعظمها خطرا وأجلّها قدرا الهرمان المقابلان للفسطاط «٢» ، يقال إن طول عمود كل هرم منهما ثلاثمائة وسبعة عشر ذراعا «٣» ، تحيط بها أربعة سطوح متساوية الأضلاع، طول كل ضلع منها أربعمائة وستون ذراعا.
قال أبو الصلت: ليس على وجه الأرض بناء باليد حجر على حجر بهذا المقدار.
ويقال: إن لها أبوابا في أزج «٤» في الأرض طول كل درج مائة وخمسون ذراعا. وباب الهرم الشرقي من الجهة البحرية، وباب الهرم الغربي من الناحية الغربية. والصابئة «٥» تحجّ هذين الهرمين ويقولون: إن أحدهما قبر إدريس عليه السلام، والآخر قبر ابنه صابىء الذي إليه ينتسبون.