حياة هنيّة، والله تعالى يوقظ عزمه من سنته، ويعجل له الانتصاف من عدوّه قبل إكمال سنته.
[الصنف العاشر (في المكاتبات بالتضييق على أهل الجرائم)]
قال في «موادّ البيان» : لم يزل السلطان يكتب إلى الولاة- عندما ينتهي [إليه] من إقدام الرّعايا على ارتكاب الجرائم، واستباحة المحارم، واقتراف المآثم، كالزّنا واللّواط، وشرب الخمر، وقطع الطّرق، والغصب والتّظالم، وما يجري هذا المجرى- بالتضييق عليهم، وإقامة حدود الله تعالى فيهم.
قال: والرسم فيها أن تفتتح بحمد الله الباديء بنعمته قبل افتراض طاعته، الممتنّ بفضله قبل إيجاب شكره، خالق الخلائق جودا وكرما، وموسعهم منّا ونعما، الذي اختار دين الإسلام وطهّره من الأرجاس، ونزّهه عن الأدناس، واختصّ به صفوته من الناس، وابتعث به محمدا سيّد المرسلين: لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين
«١» يحمده أمير المؤمنين أن فوّض إليه إيالة خلقه، وأقدره على القيام بخدمته، ونصبه لإعزاز دينه، والمحافظة على مفروضه ومسنونه، وذيادة العباد عن محارمه التي نهى عن التعدّي إليها، وإقامة الحدود عليهم فيها، ويسأله الصلاة على محمد صلّى الله عليه وسلّم.
ثم يقال: وإنّ أمير المؤمنين يرى أنّ من أعظم نعم الله تعالى عليه توفيقه لحفظ ما استحفظه من شريعته، ورعاية ما استرعاه من بريّته، وتوفير القيام على من قلّده النّظر فيهم، واعتماد ما يعود بالصّلاح في الدّين والدّنيا عليهم، ومساواته بين قريبهم وبعيدهم في تفقّده، ومماثلته بين قاصيهم ودانيهم في تعهّده، فلا ينال القريب [فقط] نصيبا من رعايته ويعلّم جاهلهم، ويهدي حائرهم، ويشحذ بصائرهم، ويثقّف مائدهم، ويصلح فاسدهم، ويتخوّلهم من مواعظه بما يبرّد