نثره ابن الأثير فقال:«القتيل بسيف العيون، كالقتيل بسيف المنون؛ غير أن ذلك لا يجرد من غمده، ولا يقاد صاحبه بعمده» . فزاد على المعنى الذي تضمنه البيت عدم القود بالعمد. ونثره على وجه آخر فقال:«دم المحب ودم القتيل، متفقان في التشبيه والتمثيل؛ ولا تجد بينهما بونا، سوى أنهما يختلفان لونا» . قال وهذا أحسن من الأول.
وعلى هذا النهج يجري قول ابن الرومي في وصف الحديث:
وحديثها السّحر الحلال لو انّه ... لم يجن قتل المسلم المتحرّز
نثره الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي في وصف السيوف فقال:
وكفى السيوف فخرا أنها للجنة ظلال، وإلى النصر مآل؛ وإذا كان من بيان الحديث سحر، فإنّ بيان حديثها عمن كلّمته هو السحر الحلال. ثم نقله إلى وصف الأسنة فقال: حسب ألسنة الاسنّة شرفا أنّ كشف خبايا القلوب يذمّ إلا منها، وأن بثّ أسرار الضمائر تكره روايته إلا عنها، فمكرّر حديثها في ذلك لا يفضي إلى ملال، وإذا لم يكن حسن حديثها الذي يسحر الألباب مما يحلّ، فليس في الحديث سحر حلال. ثم نقله إلى وصف البلاغة فقال: البلاغة تسحر الألباب حتّى تحيل العرض جوهرا وتحيل الهواء المدرك بالسمع لانسجامه وعذوبته في الذوق نهرا؛ لكنه سحر لم يجن قتل المسلم المتحرز، فيتأوّل في حلّه، وإذا كان في الحديث ما هو عقلة للمستوفز، فهذا أنشوطة نشاط البليغ وحلّ عقال عقله. ونقله إلى وصف الكتابة، فقال: خطّه شرك العقول، وفتنة تشغل المطمئن بملاحة المرئيّ المكتوب، عن فصاحة المسموع المقول؛ ولو لم يكن البيان سحرا، لما تجسّدت منه في طرسه هذه الدّرّر، ولو لم يكن بعض السحر حلالا، لما انجلى ظلام النفس عما يهتدى به من هذه الأوضاح والغرر.
الحال الثاني- أن يكون البيت الشعر مما يضيق المجال فيه فيعسر على الناثر تبديل ألفاظه
: وذلك قليل بالنسبة إلى ما يتسع في حلّه المجال. قال في