ثم ولي بعده رجل اسمه (لذريق) سنتين، وهو الذي غلبه المسلمون على الأندلس وفتحوها منه، وهو آخر من ملك منهم. قال صاحب «الروض المعطار» : وعدد من ملك منهم إلى آخرهم وهو (لذريق) ستة وثلاثون ملكا.
الطبقة الخامسة (ملوكها على أثر الفتح الإسلاميّ)
وكان فتحها في خلافة الوليد بن عبد الملك «١» : أحد خلفاء بني أميّة في سنة اثنتين وتسعين، وكان من أمر فتحها أن طليطلة كانت دار الملك بالأندلس يومئذ، وكان بها بيت مغلق متحامى الفتح، يلزمه من ثقات القوط قوم قد وكّلوا به كي لا يفتح، يعهد الأوّل بذلك للآخر، كلّما ملك منهم ملك زاد على ذلك البيت قفلا.
فلما ولي «لذريق» الأخير، عزم على فتح الباب والاطّلاع على ما في البيت، فأعظم ذلك أكابرهم وتضرّعوا إليه في الكفّ، فأبى وظنّ أنه بيت مال، ففضّ الأقفال عنه ودخله، فأصابه فارغا لا شيء فيه إلا تابوتا عليه قفل، فأمر بفتحه فألفاه أيضا فارغا ليس فيه إلا شقّة مدرجة قد صوّرت فيها صور العرب على الخيول، وعليهم العمائم متقلّدو السيوف متنكّبو القسيّ، رافعو الرايات على الرّماح، وفي أعلاه كتابة بالعجمية فقرئت فإذا هي «إذا كسرت هذه الأقفال عن هذا البيت، وفتح هذا التابوت، فظهر ما فيه من هذه الصور فإن الأمّة المصوّرة فيه تغلب على الأندلس وتملكها» فوجم لذريق وعظم غمّه وغم الأعاجم، وأمر بردّ الأقفال، وإقرار الحرس على حالهم.
وكان من سير الأعاجم أن يبعث أكابرهم بأولادهم ذكورا كانوا أو إناثا إلى بلاط الملك، ليتأدّبوا بأدبه، وينالوا من كرامته حتّى إذا بلغوا أنكح بعضهم بعضا استئلافا لآبائهم. وكان للذريق عامل على سبتة من برّ العدوة يسمّى يليان، وله ابنة