فائقة الجمال، فوجّه بها إلى دار لذريق على عادتهم في ذلك، فوقع نظر لذريق عليها فأعجبته، فاستكرهها على نفسها فاحتالت حتّى أعلمت أباها بذلك سرّا، فشقّ ذلك عليه، وحلف ليزيلنّ سلطان لذريق، ثم تلطّف حتّى اقتلع بنته من بيت لذريق، ثم لم يلبث يليان [أن كتب] إلى موسى بن نصير «١» أمير أفريقيّة من جهة «الوليد بن «٢» عبد الملك» يحرّضه على غزو الأندلس، وحثّه على ذلك، ووصف له من حسنها وفوائدها ما دعاه إلى ذلك وهوّن عليه أمر فتحها. فتوثّق منه موسى بن نصير بذلك ودعا مولى له كان على مقدّماته، يقال له «طارق بن زياد»«٣» فعقد له وبعثه إليها في سبعة آلاف، وهيّا له يليان المراكب، فعبر البحر وحلّ بجبل هناك يعرف الآن (بجبل طارق) فوجد عجوزا من أهل الأندلس- فقالت له: إنه كان لي زوج عالم بالحدثان، وكان يحدّث عن أمير يدخل بلدنا هذا، ويصفه بأنه ضخم الهامة وأنت كذلك، وكان يقول: إنه بكتفه الأيسر شامة عليها شعر، فكشف طارق ثوبه فإذا بالشامة كما ذكرت العجوز، فاستبشر بذلك.
ويحكى أنه رأى (وهو في المركب) النبيّ صلّى الله عليه وسلّم والخلفاء الأربعة يمشون على الماء حتّى مرّوا، فبشّره النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالفتح، وأمره بالرّفق بالمسلمين والوفاء بالعهد، فاستيقظ مستبشرا، وتيقّن الفتح، وهجم البلد فملكها. وكان عسكره قد انتهى إلى اثنى عشر ألفا إلا ستة عشر، ولذريق في ستمائة ألف، وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ
«٤» وأقام طارق بالأندلس حتّى قدم إليها مولاه موسى بن نصير المتقدّم ذكره في رجب من السنة المذكورة. وأقام موسى فيها سنتين ثم انصرف إلى القيروان، واستخلف عليها ابنه (عبد العزيز) فنزل قرطبة واتخذها دار إمارة لهم، وتوجّه موسى سنة ستّ وتسعين بما سباه وما غنمه إلى الوليد بن عبد