كلّ هذه الموادّ الخبيثة، واقطع ما يجدّد ضعفاء الناس من هذه الأسباب الرّثيثة؛ ومن وجدته قد غشّ مسلما، أو أكل بباطل درهما، أو أخبر مشتريا بزائد، أو خرج عن معهود العوائد، أشهره في البلد، وأركب تلك الآلة قفاه حتّى يضعف منه الجلد؛ وغير هؤلاء من فقهاء المكاتب وعالمات النّساء وغيرهما من الأنواع ممن يخاف من ذئبه العائث في سرب الظّباء والجاذر، ومن يقدم على ذلك ومثله وما يحاذر، ارشقهم بسهامك، وزلزل أقدامهم بإقدامك، ولا تدع منهم إلا من اختبرت أمانته، واخترت صيانته. والنّوّاب لا ترض منهم إلا من يحسن نفاذا، ويحسب لك أجر استنابته إذا قيل لك من استنبت فقلت هذا؛ وتقوى الله هي نعم المسالك، وما لك في كلّ ما ذكرناه بل أكثره إلا إذا عملت فيه بمذهب مالك.
[الوظيفة الرابعة (وكالة بيت المال)]
وهي وظيفة عظيمة الشان رفيعة المقدار، وقد تقدّم أن موضوعها التحدّث فيما يتعلّق بمبيعات بيت المال ومشترواته «١» : من أرض وآدرّ وغير ذلك مما يجري هذا المجرى، وأنّ متولّيها لا يكون إلا من أهل العلم والدّيانة، وأنّ له مجلسا بدار العدل: تارة يكون دون مجلس المحتسب، وتارة فوق مجلسه، بحسب رفعة قدر كل منهما في نفسه. وقد أضيف إليها في المباشرة نظر كسوة الكعبة الشريفة وصارا كالوظيفة الواحدة.
وهذه نسخة توقيع بوكالة بيت المال:
الحمد لله جامع المناصب الدينيّة، لمن خطبته لها رتبتان: العلم والعمل، ومكمّل الرّتب السّنيّة، لمن وجدت فيه أهبتان: الورع والتّقى، وعدمت منه خلّتان: الحرص والأمل، جاعل اختصاص الرّتب بأكفائها حلية الدّول،