من الستائر الّتي هي أسوار الأسوار، ولمعاصم عقائل المعاقل منها حلّى سوى كلّ سوار؛ وهي الّتي تلاث لثمها على مباسم الشّرفات، وتضرب حجبها على أعالي الغرفات، وسوى هذا مما تعتصم به شوامخ القلال، ويتبوّأ به مقاعد للقتال؛ فكلّ هذا حصّله وحصّنه، وآحسبه وحسّنه، وأعدّ منه في الأمن لأوقات الشدائد، واجر فيه على شأو من تقدّم وزد في العوائد؛ وهكذا ما يدّخر من عدد أرباب الصنائع، ومدد التحصين المعروف بكثرة التّجارب في الوقائع، والأزواد والأقوات، وما لا يزال يفكّر في تحصيله لأجل بعض الأوقات؛ وكن من هذا مستكثرا، وله على ما سواه مؤثرا، حتى لا تزال رجالك مطمئنّة الخواطر، طيّبة القلوب ما عليها إلا السّحب المواطر؛ واعمل بعادة القلاع في غلق أبواب هذه القلعة وفتحها، وتفقّد متجدّدات أحوالها في مساء كلّ ليلة وصبحها، وإقامة الحرس، وإدامة العسس، والحذار ممّن لعلّه يكون قد تسوّر أو اختلس، وتعرّف أخبار من جاورك من الأعداء حتى لا تزال على بصيرة، ولا تبرح تعدّ لكلّ أمر مصيره، وأقم نوب الحمام الّتي قد لا تجد في بعض الأوقات سواه رسولا، ولا تجد غيره مخبرا ولا سواه مسؤولا، وطالع أبوابنا العالية بالأخبار، وسارع إلى ما يرد عليك منها من ابتداء وجواب، وصبّ فكرك كلّه إليها وإلى ما تتضمّنه من الصواب.
المرتبة الثانية (من المراسيم الّتي تكتب بحاضرة دمشق لأرباب السيوف- ما يكتب في قطع الثلث، وفيها وظيفتان)
[الوظيفة] الأولى- شدّ الدواوين بدمشق
. وصاحبها يتحدّث فيما يتحدّث فيه شادّ «١» الدواوين بالديار المصرية، وقد تقدّم.