عذبة، وكذلك سائر ما في وزنها نحو اخشوشن المكان، واغرورقت العين، واحلولى الطعم، وما أشبه ذلك.
قال في «المثل السائر» : وهذا كله مما أخذته بالاستقراء، وفي اللغة مواضع كثيرة من ذلك لا يمكن استقصاؤها.
فانظر إلى ما يفعله اختلاف الصيغة بالألفاظ، وعليك بتفقّد أمثال هذه الكلمات لتعلم كيف تضع يدك في استعمالها، فكثيرا ما يقع فحول الخطباء والشعراء في مثلها، ومؤلّف الكلام من كاتب وشاعر إذا مرّت به الألفاظ عرضها على ذوقه الصحيح، فما يجده الحسّ منها موحّدا وحّده، وما يجده الحس منها مجموعا جمعه؛ وكذلك يجري الحكم فيما سوى ذلك من الألفاظ.
[الصنف الثالث المتوحش في زمن دون زمن]
وهو ما كان متداول الاستعمال في زمن العرب، ثم رفض وترك بعد ذلك، وبهذا لا يعاب استعماله على العرب لأنه لم يكن عندهم وحشيّا، ولا لديهم غريبا، كما سيأتي التنبيه عليه، وإنما يعاب استعماله على غيرهم ممن قصر فهمهم عنه، وقلّت معرفتهم به؛ وقد كان كلام العرب مشحونا به في نظمهم ونثرهم، دائرا على ألسنتهم في مخاطباتهم ومحاوراتهم، غير معيب ولا ملوم عليه، وانظر إلى ما تضمنته خطبهم وأشعارهم من الغريب ترى ذلك [غير معاب] ، فمن ذلك قول أبي المثلّم الهذليّ:
آبي الهضيمة ناب «١» بالعظيمة متلاف الكريمة جلد غير ثنيان «٢» حامي الحقيقة نسّال الوديقة معتاق الوسيقة لا نكس ولا وان «٣»