فأقرّ أن ذلك كان منه لتقصير رآه من الملك، فقال له الإسكندر:«فأراك قد سعيت لنفسك لا لنا! فاتك ما أمّلت مما لا تستحقه على من أرسلت إليه فجعلت ذلك ثأرا توقعه في الأنفس الخطيرة الرفيعة! ثم أمر بلسانه فنزع من قفاه» . وكأنه رأى إتلاف نفس واحدة أولى من إتلاف نفوس كثيرة بما كان يوقعه بين الملكين من العداوة ويثير من الإحن وضغائن الصّدور.
وقد كان أردشير بن بابك يقول:«كم من دم سفكه الرسول بغير حلّه! وكم من جيوش هزمت وقتل أكثرها! وكم حرمة انتهكت! وكم مال نهب وعقد نقض بخيانة الرسل وأكاذيب ما يأتون به!» .
الأمر السابع نظره في أمر أبراج الحمام ومتعلّقاته
سأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى أن بالديار المصرية أبراجا للحمام الرسائليّ يحمل البطائق في أجنحته من مكان إلى مكان؛ منها برج بقلعة الجبل «١» ، وأبراج بطريق الشام بمدينة بلبيس «٢» ، وأبراج بطريق الإسكندرية.
وكان قبل ذلك يدرج إلى قوص، «٣» ، ومنها إلى أسوان وعيذاب «٤» ما يقطع «٥» ذلك الآن. وحمام كل برج ينقل منه في كل يوم إلى البرج الذي يليه