للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكفائه ونظرائه من بطانته، والمقرّبين من حضرته، ليكون ذلك داعيا إلى محبته والثناء عليه مكافأة له وإمساك الألسن عن الطعن فيه.

ومنها: أن يبادر إلى المشورة عليه بالصواب فيما يستشيره فيه، ويورده إيراد مستفيد لا مفيد، ومتعلم لا معلّم، ويتلطّف في أن يوقعه من نفسه موقعا يدعوه إلى العمل به. فإنّ من عادة الملوك والرؤساء الأنفة من الانقياد إلى ما ينتحله غيرهم من الآراء ولو كانت صائبة؛ وإن تمكّن من صياغة حديث يودعه فيه فعل مخادعة بذلك لنفسه الأبيّة وعزّته المتقاعسة.

الضرب الثاني آداب عشرة الأكفاء والنّظراء

قال عليّ بن خلف: ولا شك أنّ طريقة الاعتدال في ذلك الموافاة في الإخاء، والمساواة في الصّفاء، ومقابلة كل حالة بما يضاهيها. أما المسامحة بالحقوق والإغضاء عمن قصّر، والمحافظة على ودّ من فرّط، فلا خلاف في فضله والتمدّح بمثله، لا سيما لمثل أهل هذه الصناعة التي يرتفع حقّ الاعتزاء إليها عن حقوق القرابات الدانية، والأنساب الراسخة. ولذلك وقع في كلام بعضهم «الكتابة نسب» . قال عليّ بن خلف: والمعنى فيه أن التناسب الحاصل بين أهلها تناسب نفسانيّ لا جسمانيّ، يحصل عن تناسب الصور القائمة في نفوسهم بالقوّة، وعن تناسبها بعد خروجها وظهورها من القوّة إلى الفعل، بدليل ما نراه من اتفاق خواطرهم على كثير من المعاني التي يستنبطونها، وتواردهم فيها. ولولا تناسب الغرائز وتشابهها، لم يكن أن يتواطؤا في أكثر الأحوال على معان متكافئة متوافية.

قال: «وإذا كنا نحفظ من متّ إلينا بالأنساب الجسمية التي لا تعارف بينها فأولى أن نحفظ من متّ إلينا بالأنساب النفسانية التي يصح منها التعارف. ولذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>