[الضرب الثاني (أن يفتتح الجواب بلفظ «ورد أو وصل» ونحوهما)]
كما كتب الصابي عن الوزير أبي عبد الله بن سعدان في جواب كتاب ورد عليه: وصل كتابك- أطال الله بقاءك- وفهمته، وأدّى فلان ما تحمّله عنك ووعيته، وازددت به بصيرة في سدادك ومعرفتك، وفضلك وحصافتك، واجتماع الأدوات الجميلة فيك، الداعية إلى إعلاء محلّك، وحميد حالك، والثّقة بك، والاستنامة إليك، وأنهيت ذلك إلى الملك فلان، فأصغى إليه مستمعا، وأوجب لك به حقّا متضاعفا، وأمرني بكذا وكذا إلى آخر مراده.
وكما كتب أبو الفرج «١» الببّغاء في جواب كتاب:
ورد كتابك مشافها من البرّ، ومؤدّيا من الفضل، ومتحمّلا من المنن، ما تجاوز الإنصاف إلى الإسراف، وقرن الإكرام بالإنعام، ولم أدر أيّ المنح به أشكر، ولا بأيّ العوارف له أعترف؛ أبما تحمّله من جميل نيّته، أم ما أدّى من جليل مخاطبته، أم ما ناجتني به فوائد ملاطفته، أم ما اعتمدني من حلاوة مفاوضته، إلى غير ذلك من الوصول إلى النعمة التي لا أطاولها بشكر، ولا أقاومها بمنّة اعتداد، وهو ابتداؤه إيّاي من المكاتبة بما أحرز به على عادته قصب السّبق، وزاد على الرّغبة مبرهنا وبصادق الودّ مخبرا، وإلى البسط دليلا، وعلى مستأنف الخدمة بالمواصلة باعثا، ووجدته أيده الله قد فعل كذا وكذا.
المهيع الثالث (في خواتم الإخوانيّات على هذا المصطلح)
واعلم أنه لم يكن لهم ضابط للاختتامات، ولا ما يقتضي ملازمة اختتام معين لصدر معيّن، بل ذلك موكول إلى رأي الكاتب لا يراعي فيه غير علوّ الرتبة