كما لقيت ذات الصّفا من حليفها ... وكانت تريه المال غبّا وظاهره
فلمّا رأى أن قد تثمّر ماله ... وأثّل موجودا وسدّ مفاقره
أكبّ على فأس يحدّ غرابها ... مذكّرة من المعاول باتره
فلمّا وقاها الله ضربة فأسه ... ولله عين لا تغمّض ناظره
فقال تعالي نجعل الله بيننا ... على مالنا أو تنجزى لي آخره
فقالت يمين الله أفعل إنّني ... رأيتك سخريّا يمينك فاجره
أبى لي قبر لا يزال مقابلي ... وضربة فأس فوق رأسي فاقره
وهذه الحكاية مشهورة في الموضوعات على ألسن الحيوان، وهي أن أخوين هبطا بغنمهما واديا يرعيان فيه، فخرجت حية من تحت الصّفا وفي فمها دينار فألقته إليهما وأقامت كذلك أياما، فقال أحدهما لا بدّ من قتل هذه الحية وأخذ هذا الكنز! فنهاه أخوه فلم يقبل، فخرجت فضربها بفأس في يده، فشجّها وشدّت عليه فقتلته، فدفنه أخوه مقابلها؛ فلما خرجت قال لها هل لك أن نتعاهد على المودّة وعدم الأذية، وتعطيني ذلك الدينار كل يوم؟ فقالت: لا! - قال ولم؟ - قالت لأنك كلما نظرت إلى قبر أخيك لا تصفو لي، وكلما ذكرت الشجّة التي في رأسي لا أصفو لك.
[المقصد الثاني في كيفية استعمال الأمثال في الكتابة]
فإذا أكثر صاحب هذه الصناعة من حفظ الأمثال السائغ استعمالها، انقادت إليه معانيها، وسيقت إليه ألفاظها، في وقت الاحتياج إلى نظائرها من