. كان يقال لكلّ من ملك منهم قيصر، وأصل هذه اللفظة في اللغة الروميّة جاشر بجيم وشين معجمة فعرّبتها العرب قيصر ولها في لغتهم معنيان: أحدهما الشّعر، والثاني الشيء المشقوق.
واختلف في أوّل من تلقّب بهذا اللقب منهم: فقيل أغانيوش أوّل ملوك الطبقة الثانية منهم. سمّي بذلك لأن أمه ماتت وهو حمل في بطنها فشقّ جوفها وأخرج فأطلق عليه هذا اللفظ أخذا من معنى الشقّ، ثم صار علما على كل من ملكهم بعده، وقيل أوّل من لقّب بذلك يوليوش الذي ملك بعد أغانيوش المذكور، وقيل أوّل من لقّب به أغشطش «١» ، واختلف في سبب تسميته بذلك: فقيل لأن أمه ماتت وهو في جوفها فشقّ عنه وأخرج كما تقدّم القول في أغانيوش، وقيل لأنه ولد وله شعر تامّ فلقّب بذلك أخذا من معنى الشعر كما تقدّم. ولم يزل هذا اللقب جاريا على ملوكهم إلى أن كان منهم هرقل الذي كتب إليه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وزعم القاضي شهاب الدين بن فضل الله في كتابه «التعريف» في الكلام على مكاتبة الأدفونش «٢» أن هرقل لم يكن الملك نفسه وإنما كان متسلّم الشأم لقيصر، وقيصر بالقسطنطينية لم يرم، وإنما كتب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى هرقل لقربه من جزيرة العرب وبقي هذا اللقب عليهم بعد الإسلام إلى أن كان آخر من تلقّب به منهم (إستيراق قيصر) ملك القسطنطينية في خلافة المأمون بن الرّشيد.