يكون قطعها لفلك البروج على النقطتين اللتين هما في غاية الميل والبعد عن معدّل النهار في جهتي الشمال والجنوب فتسمّى النقطة الشمالية نقطة المنقلب الصيفيّ وهي أوّل السّرطان، وتسمّى النقطة الجنوبية نقطة المنقلب الشّتويّ، وهي أوّل الجدي. واختلاف طبائع الفصول عن حركة الشمس وتنقّلها في هذه النّقط، فإنها إذا تحرّكت من الحمل، وهو أوّل البروج الشمالية أخذ الهواء في السّخونة لقربها من سمت الرؤوس وتواتر الإسخان إلى أن تصل إلى أوّل السرطان، وحينئذ يشتدّ الحرّ في السّرطان والأسد إلى أن تصل إلى الميزان، فحينئذ يطيب الهواء ويعتدل؛ ثم يأخذ الهواء في البرودة ويتواتر إلى أوّل الجدي، وحينئذ يشتدّ البرد في الجدي والدّلو لبعد الشمس من سمت الرؤوس إلى أن تصل إلى الحمل فتعود الشمس إلى أوّل حركتها.
المهيع الثالث في ذكر الفصول، وأزمنتها، وطبائعها، وما حصة كلّ فصل منها من البروج والمنازل؛ وهي أربعة فصول
الأول- فصل الربيع
- وابتداؤه عند حلول الشمس برأس الحمل، وقد تقدم ومدّته أحد وتسعون يوما وربع يوم ونصف ثمن يوم. وأوّله حلول الشمس رأس الحمل، وآخره عند قطعها برج الجوزاء؛ وله من الكواكب القمر، والزّهرة، ومن المنازل الشّرطان، والبطين، والثّريّا، والدّبران، والهقعة، والهنعة، والذّراع بما في ذلك من التداخل كما مر؛ ومن الساعات الأولى والثانية والثالثة؛ ومن الرّياح الجنوب؛ وطبعه حارّ رطب؛ وله من السّن الطّفولية والحداثة؛ ومن الاخلاط الدم، ومن القوى الهاضمة. وفيه تتحرّك الطبائع، وتظهر المواد المتولدة في الشّتاء، فيطلع النبات، وتزهر الأشجار وتورق، ويهيج الحيوان للسّفاد، وتذوب الثّلوج، وتنبع العيون، وتسيل الأودية، وأخذت الأرض زخرفها وازّينت فتصير كأنها عروس تبدّت لخطّابها، في مصبّغات ثيابها؛ ويقال: إذا نزلت الشمس رأس الحمل تصرّم الشتاء، وتنفّس الربيع، واختالت الأرض في وشيها