الجملة الثالثة (في المكاتبات التي كتبت إليه قبل ظهوره صلّى الله عليه وسلّم وبعد وفاته)
أما الكتب التي كتبت إليه صلّى الله عليه وسلّم قبل ظهوره، فقد حكى «صاحب الهناء الدائم بمولد أبي القاسم» أن تبّعا الأوّل حين مرّ بموضع المدينة النبويّة، على ساكنها أفضل الصلاة والسّلام والتحية والإكرام، أخبره من معه من علماء أهل الكتاب أنّ هذا الموضع مهاجر نبيّ يخرج في آخر الزمان، فعمر هناك مدينة وأسكن فيها جماعة من العلماء، وكتب إليه كتابا فيه:
«أما بعد، يا محمد، فإنّي آمنت بك وبربّك وربّ كلّ شيء، وبكتابه الذي ينزله عليك وأنا على دينك، وسنّتك، آمنت بربّك وربّ كلّ شيء، وبكل ما جاء من ربّك من شرائع الإسلام والإيمان، وإني قلت ذلك، فإن أدركتك فبها ونعمت، وإن لم أدركك فاشفع فيّ يوم القيامة ولا تنسني فإني من أمّتك الأوّلين، وتابعتك قبل مجيئك وقبل أن يرسلك الله، وأنا على ملّتك وملّة أبيك إبراهيم»«١» .
وختم الكتاب. ونقش عليه «لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله» .
وكتب عنوانه:«إلى محمد بن عبد الله خاتم المرسلين ورسول رب العالمين صلّى الله عليه، من تبّع الأوّل حمير، أمانة الله في يد من وقع إليه أن يدفعه إلى صاحبه» .
ودفعه إلى رئيس العلماء الذين رتّبهم بالمدينة، فبقي عنده وعند بنيه يتداولونه واحدا بعد واحد، حتّى هاجر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، فلقيه الذي صار