[الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الثانية فيما انطوت عليه الخلافة من الممالك في القديم، وما كانت عليه من الترتيب، وما هي عليه الآن]
أما ما انطوت عليه من الممالك، فاعلم أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قد فتح مكة وما حول المدينة من القرى كخيبر ونحوها.
وفتح خالد بصرى من الشام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وهي أوّل فتح فتح بالشام، ثم كانت الفتوح الكثيرة في خلافة عمر رضي الله عنه، ففتح بلاد الشام، وكور دجلة والأبلّة، وكور الأهواز، وإصطخر، وأصبهان، والسّوس، وأذربيجان، والرّي، وجرجان، وقزوين، وزنجان، وبعض أعمال خراسان، وكذلك فتحت مصر، وبرقة، وطرابلس الغرب.
ثم فتح في خلافة عثمان رضي الله عنه: كرمان، وسجستان، ونيسابور، وفارس، وطبرستان، وهراة، وبقية أعمال خراسان. وفتحت أرمينية، وحرّان، وكذلك فتحت إفريقية، والأندلس، وسد الإسلام ما بين المشرق والمغرب، وكانت الأموال تجبى من هذه الأقطار النائية والأمصار الشاسعة، فتحمل إلى الخليفة، وتوضع في بيت المال بعد تكفية الجيوش وما يجب صرفه من بيت المال. ولم يزل الأمر على ذلك إلى أثناء خلافة بني العباس، ما عدا الأندلس فإن بقايا خلفاء بني أمية استولوا عليه حتّى يقال: إن الرشيد كان يستلقى على ظهره وينظر إلى السحابة مارّة يقول: «اذهبي إلى حيث شئت يأتني خراجك» ثم اضطرب أمر الخلافة بعد ذلك وتقاصر شأنها واستبدّ أكثر أهل الأعمال بعمله من خلافة الراضي على ما سيأتي ذكره في الكلام على ترتيب الخلافة فيما بعد إن شاء الله تعالى.