للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبده ورسوله» وهو مما أحدثه الرشيد في المكاتبات. قال في «ذخيرة الكتّاب» : وكان ذلك من أجلّ مناقبه. وكان الخلفاء الفاطميون بمصر يقولون عن لسان الخليفة: ويسأله أن يصلّي على جدّه محمد، ويخصون الصلاة بعده بأمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه على طريقة الشّيعة.

الطرف الخامس (في السّلام في أوّل الكتب)

إنما جعل السّلام في ابتداء الكتب وصدورها لأنه تحية الإسلام المطلوبة لتأليف القلوب، فكما أنه يفتتح به الكلام طلبا للتأليف كذلك تفتتح به المكاتبات وتصدّر طلبا للتأليف، إذ يقول صلّى الله عليه وسلّم: «ألا أنبّئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم! أفشوا السّلام بينكم» . قال في «الصناعتين» : وتقول في أوّل كتابك:

«سلام عليك» وفي آخره «والسّلام عليك «والمعنى فيه أن الأوّل نكرة إذ لم يتقدّم له ذكر والثاني معرفة يشار به إلى السّلام الأوّل على حدّ قوله تعالى:

كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ

«١» فأتى في الأوّل بتنكير الرسول وفي الثاني بتعريفه. وكذلك قال تعالى في سورة مريم في قصة يحيى عليه السّلام: وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا

«٢»

لعدم تقدّم ذكر السّلام؛ ثم قال بعد ذلك في قصّة عيسى عليه السّلام:

وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا

«٣» وإلى ذلك يشير أحمد بن يوسف بقوله: اكتب في أوّل كتابك سلام عليك واجعله تحية، وفي آخره «والسّلام عليك» واجعله وداعا. وذلك أن سلام التحية يكون ابتداء فيكون نكرة، وسلام الوداع يكون انتهاء فيكون معرفة لرجوعه إلى الأوّل. وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>