الشيخ عماد الدين بن كثير في تفسيره الإجماع على جواز الصلاة على غير الأنبياء عليهم السّلام بطريق التبعيّة، مثل أن يقال: اللهمّ صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريّته ونحو ذلك. ثم قال: وعلى هذا يخرج ما يكتبونه من قولهم: وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه فلا نزاع فيه، وإنما الخلاف في جواز إفراد غير الأنبياء عليهم السّلام بالصلاة: فأجازه قوم محتجّين بنحو قوله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
«١» وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ صلّ على آل أبي أوفى» . ومنعه آخرون احتجاجا بأن الصلاة صارت شعارا للأنبياء عليهم السّلام فلا يلحق بهم غيرهم، فلا يقال: أبو بكر صلّى الله عليه وسلّم وإن كان المعنى صحيحا، كما لا يقال: محمد عزّ وجلّ، وإن كان عزيزا جليلا.
ثم الصحيح من مذهب الشافعيّ، رضي الله عنه، أن ذلك لا يجوز في غير التبعية. وحكى النوويّ في «الأذكار» فيه قولا بأنه كراهة تحريم، وقولا بأنه كراهة تنزيه، وقولا بأنه خلاف الأولى، ورجّح كونه كراهة تنزيه، لأنه شعار أهل البدع «٢» .
وأما السّلام على غير الأنبياء فحكى النوويّ عن أبي محمد الجوينيّ منعه في الغائب من حيّ وميّت وأنه لا يفرد به غير الأنبياء، فلا يقال: عليّ عليه السّلام، بخلاف الحاضر فإنه يخاطب به.
إذا علمت ذلك فالصلاة وتوابعها في أوائل الكتب قد تكون بعد التحميد في الخطبة كما في الولايات [والمكاتبات] المفتتحة بالخطب من البيعات والعهود والتقاليد والتفاويض والتّواقيع والمراسيم وغيرها، وكما في الكتب المفتتحة بالخطب. وقد تكون في صدور المكاتبات المفتتحة بغير الخطب، كما كان يكتب في القديم في صدور المكاتبات «وأسأله أن يصلّي على محمد