وصارت العساكر الدانية والنائية فوضى لا تمتاز، ولا تنفرد وتنحاز، وذلك صنع الله لأمير المؤمنين في جمع الشّتات، وتلافي الهنات «١» ، ولمّ خلل التّخاذل، ومداواة نغل الدّخائل؛ لتتمّ الكلمة في ولايته، وتعمّ النّعم في طاعته، ولا يكون للشيطان سبيل على شيعته، ولا طريق إلى مكيدة أبناء دعوته، والله ذو الفضل العظيم.
فاحمد الله على هذا النبإ الذي تطوّع به المقدار، والخبر الذي دلّت عليه الأخبار، من الفتح الذي لم ينغّصه تعب، ولم يكدّره عناء ولا نصب، فإنه تأتّى سهلا، وأتى رسلا؛ وابتدأ عفوا، وانتهى خالصا صفوا، فقد قمع الله به العندة، وجمع بتهيئة العبدة، وآذن عقباه بالسعادة، وبشّر في سيماه باتصال المادة، وأنزل أبا الفوارس عبد الملك بن نوح، مولى أمير المؤمنين، منزلة من رآه أمير المؤمنين أهلا للوديعة، وآمنه على الصّنيعة، ورتّبه مرتبة المسبحة، واستحفظ الله حسن الموهبة به، وما قد تجدّد بين أبي الفوارس وبينهما من الاتحاد، المتولد عن الاغتباط والاعتداد، فقلّ من شاقّهما فلم يندم، وتمرّد عليهما فلم يكلم، وتمسك بهما فلم يسعد، وارتبع أكنافهما فلم يوعد؛ وأجب عن هذا الكتاب بوصوله إليك، وموقع متضمّنه لديك، وما يحدثه لك من الجذل، وانفساح الأمل؛ موفّقا إن شاء الله تعالى.
[النوع الثاني (أن لا يعقب البعدية «تحميد» ، بل يقع الشروع عقبها في المقصود)]
وهذه نسخة كتاب من ذلك، كتب به أبو إسحاق «٢» الصابي عن الطائع لله إلى من بصحار «٣» وسوادها، وجبال عمان وأعمالها، وحاضرتها وباديتها، بالأمر