الأسلوب الثاني (أن تفتتح المكاتبة بألقاب الخليفة نفسه ثم يؤتى بالصدر معبّرا عن المكتوب عنه بالعبد، ومخاطبا للخليفة بميم الجمع للتعظيم، ويختم الكتاب بالسلام، وهو على ضربين)
الضرب الأوّل (أن يوصف الخليفة بالمقام)
كما كتب أبو الميمون أيضا عن بعض أهل دولتهم إلى الناصر لدين الله أحد خلفائهم:
المقام الأعلى، المقدّس، المكرّم، الإماميّ، الطاهر، الزّكيّ، مقام الخليفة المؤيّد بنصر الله، الإمام «الناصر لدين الله» كلأ الله جلالهم، وفيّأ ظلالهم، وبوّأ وفود السّعود ووجود الظهور والصّعود مواطئهم المقدّسة وحلالهم، عبدهم المتقلّب في نعمتهم، المتقرّب إلى الله عزّ وجلّ بالمناصحة في خدمتهم، المتسبّب إلى الزّلفى «١» عندهم بالتزام طاعتهم، والاعتصام بعصبتهم، فلان.
كتب عبد المقام الأعلى، والنّديّ الذي أسّس بنيانه على تقوى من الله ورضوان واحتوى على الفضائل واستولى، من موضع كذا حماه الله تعالى، وجنانه لطاعتكم قطب، ولسانه بشكر نعمتكم رطب، فبتلك رجاء الفوز، وبها ابتغاء نيل الآمال والحوز، وكيف لا يطاوعه الجنان، وشكر اللسان مستمدّ لإدرار الإحسان، وللمقام الأسنى عوارف، لا يتقلّص ظلّها الوارف، وقطرات بالرحمة مسطّرات بمدرار سحابها الواكف؛ وقد كانت للعبد سهام، فاضت عليه بها من النعمة رهام، ثم جزر الماء باسترجاعها الآن، وسقي العبد بانتزاعها كأس الحزن ملآن، وردت لك بهذه الجهة انقطاع المواساة، وامتناع الألسن