عهد فيه عهده، وأمره فيه أمره، على ما سيأتي ذكره في أوّل نسخ العهود الواردة في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. فقد فوّض النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمر اليمن في حياته إلى عمرو بن حزم رضي الله عنه. وذلك أصرح دليل وأقوم شاهد لما نحن فيه.
الوجه الثاني (في بيان [معنى] الملك والسّلطنة اللتين يقع العهد بهما)
قد تقدّم في الكلام على الألقاب نقلا عن «الفروق» في اللغة للعسكريّ أن الملك أخصّ من السّلطنة، لأن الملك لا يطلق إلّا على الولاية العامّة، والسّلطنة تطلق على أنواع الولايات، حتّى أنّ الفقهاء يعبّرون عن القاضي ووالي البلد في أبواب الفقه بالسّلطان «١» .
ثم تفويض الخليفة الأمور في البلاد والأقاليم إلى من يدبّرها ويقوم بأعبائها على ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل- وهو أعلاها وزارة التفويض
، وهو أن يستوزر الخليفة «٢» من يفوّض إليه تدبير الأمور برأيه وإمضاءها «٣» على اجتهاده، وينظر فيها على العموم. وعلى ذلك كانت السلطنة في زمن الخلفاء الفاطميين بمصر على ما سيأتي ذكره. قال الماورديّ في «الأحكام السلطانية» : ولا «٤» يمتنع جواز مثل ذلك؛ لأنّ كلّ ما وكل إلى الإمام من تدبير [الأمة]«٥» لا يقدر على مباشرة