يريد سيرها في البريد. وقد قدّره الفقهاء وعلماء المسالك والممالك بأنه أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ثلاثة آلاف ذراع بالهاشميّ، وهو أربعة وعشرون أصبعا، كلّ أصبع ستّ شعيرات معترضات، ظهر إحداها لبطن الأخرى، والشّعيرة سبع شعرات معترضات من ذنب بغل أو برذون «١» .
قال الجوهريّ: ويقال أيضا على البريد: المرتّب؛ يقال: حمل فلان على البريد. قال: ويطلق أيضا على الرّسول: بريد.
ثم اختلف فيه فقيل: إنه عربيّ. وعلى هذا ذهب «الخليل» إلى أنه مشتقّ من بردت الحديد إذا أرسلت ما يخرج منه. وقيل: من أبردته إذا أرسلته. وقيل: من برد إذا ثبت، لأنه يأتي بما تستقرّ عليه الأخبار، يقال:
اليوم يوم بارد سمومه
أي ثابت.
وذهب آخرون إلى أنّه فارسيّ معرّب. قال أبو السعادات بن الأثير في كتابه «النّهاية في غريب الحديث» : وأصله بالفارسيّة «بريده دم» ، ومعناه مقصوص الذّنب. وذلك أن ملوك الفرس كانت من عادتهم أنهم إذا أقاموا بغلا في البريد قصّوا ذنبه، ليكون ذلك علامة لكونه من بغال البريد. وأنشد الجوهريّ لامريء القيس:
على كلّ مقصوص الذّنابى معاود ... بريد السّرى باللّيل من خيل بربرا
الأمر الثاني (أوّل من وضع البريد وما آل إليه أمره إلى الآن)
أما في الجاهليّة، فقد ذكر في «التعريف» : أنّ البريد كان موجودا في عهد الأكاسرة من ملوك الفرس، والقياصرة ملوك الرّوم. قال: ولكن لا أعرف