الحالة الأولى- أن يكون الجواب من الرئيس إلى المرؤوس عما كتب به الرئيس إليه
، فالذي ذكره في «موادّ البيان» أن للرئيس أن يبني حكاية كتاب مرؤوسه إليه في جوابه على الاختصار، ويجمع معانيه في ألفاظ وجيزة، محيطة بما وراءها كأن يقول: وصل كتابك في معنى كذا وفهمناه.
الحالة الثانية- أن يكون الجواب من المرؤوس إلى الرئيس عما كتب به الرئيس إليه
، قال في «موادّ البيان» : والواجب في هذه الحالة أن يحكي فصول كتاب رئيسه على نصّها ويقصّها على وجهها من غير إخلال بشيء منها، إعظاما لقدر الرئيس وإجلالا لخطابه. قال: وليس للمجيب إن مرّ في كتاب الرئيس بلفظة واقعة في غير موضعها أن يبدلها بغيرها، لما في ذلك من الإشارة إلى أن هذا أصحّ من كتاب رئيسه في ألفاظه ومعانيه. قال: ولا يجوز الخروج عن حكاية لفظ رئيسه في كتابه بحال، اللهم إلا أن يكون الكتاب الوارد على المجيب في معنى الشكر والتّقريظ من رئيسه له والثناء عليه في قيامه بالخدمة، فإنه لا يجوز أن يأتي به على نصه؛ لأنه يصير بذلك مادحا نفسه، ومدح الإنسان نفسه غير سائغ، ولا يجوز أن يهمل ذكره جملة؛ لأنه يكون قد أخلّ بما يجب من شكره له على تشريف رتبته بإحماده له والثّناء عليه، بل الواجب أن يوقع تلك الصفة على جملة تجعل نفسه بعضا منها، مثل أن يقول:«فأما ما وصفه من اعتداده بخادمه في جملة من نهض بحقوق خدمته، وقام بفرض طاعته، فأهلّه لما يرفع الأقدار من إحماده وثنائه، ويعلي الأخطار من شكره ودعائه» وما يضاهي هذا من العبارة التي تشتمل على معاني ألفاظ رئيسه، فإنه إذا قصد هذا السبيل في حكاية كتاب رئيسه في هذا المعنى، فقد جمع بين البلاغة والإتيان على معاني ألفاظ رئيسه والأدب في ترك التفخيم لنفسه بإضافته لها إلى جملة الخاصّة دون إيقاع المدح عليها فقط.