ثم صرف الذهب بالديار المصرية لا يثبت على حالة بل يعلو تارة ويهبط أخرى بحسب ما تقتضيه الحال، وغالب ما كان عليه صرف الدينار المصريّ فيما أدركناه في التسعين والسبعمائة وما حولها عشرون درهما، والإفرنتيّ سبعة عشر درهما وما قارب ذلك. أما الآن فقد زاد وخرج عن الحدّ خصوصا في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وإن كان في الدولة الظاهرية بيبرس قد بلغ المصريّ ثمانية وعشرين درهما ونصفا فيما رأيته في بعض التواريخ.
أما الدينار الجيشيّ، فمسمّى لا حقيقة، وإنما يستعمله أهل ديوان الجيش في عبرة الإقطاعات بأن يجعلوا لكل إقطاع عبرة دنانير معينة من قليل أو كثير، وربما أخليت بعض الإقطاعات من العبرة. على أنه لا طائل تحتها ولا فائدة في تعيينها، فربما كان متحصّل مائة دينار في إقطاع أكثر من متحصّل مائتي دينار فأكثر في إقطاع آخر. على أن صاحب «قوانين الدواوين» قد ذكر الدينار الجيشي في إقطاعات على طبقات مختلفة في عبرة الإقطاعات، فالأجناد من التّرك والأكراد والتركمان دينارهم دينار كامل، والكتانية والعساقلة ومن يجري مجراهم دينارهم نصف دينار، والعربان في الغالب دينارهم ثمن دينار، وفي عرف الناس ثلاثة عشر درهما وثلث، وكأنه على ما كان عليه الحال من قيمة الذهب عند ترتيب الجيش في الزمن القديم، فإن صرف الذهب في الزمن الأول كان قريبا من هذا المعنى، ولذلك جعلت الدية عند من قدّرها بالنّقد من الفقهاء ألف دينار واثني عشر ألف درهم، فيكون عن كل دينار اثنا عشر درهما، وهو صرفه يومئذ.
النوع الثاني الدراهم النّقرة
وأصل موضوعها أن يكون ثلثاها من فضة وثلثها من نحاس، وتطبع بدور الضرب بالسّكة السلطانية على نحو ما تقدّم في الدنانير، ويكون منها دراهم