الحقيقة فتحها وحده؛ وطلعت سناجق الإسلام الصّفر على أسوارها، ودخلت عليهم من أقطارها، وجاست الكسابة إلى ديارها؛ فاحتازها مولانا السلطان لنفسه ملكا، وما كان يكون له في فتحها شريك وقد نفى عنها شركا؛ وكلّما قيل هذه طرابلس فتحت قال النصر لمن قتل فيها من النّجد الواصلة: وأكثر عكّا وأهل عكّا؛ وأعاد الله تعالى بها قوّة الكفر أنكاثا، فكان أخذها من مائة سنة وثمانين سنة في يوم ثلاثا، واستردّت في يوم الثّلاثا.
ولما عمّت هذه البشائر، وكل بها مولانا السلطان إلى من يستجلي حسان هذه العرائس، ويستحلي نفيس هذه النّفائس.
سيّر مولانا السلطان إلى المولى كلّ بشرى تقعقع بها البريد، لتتلى بأمره على كلّ من ألقى السمع وهو شهيد؛ وكما عمّ السرور بذلك كلّ قريب قصد أن يعمّ الهناء كلّ بعيد.
وأصدر المملوك هذه الخدمة يتجرّب بين يديه نجواها، ويتوثّب بعد هذه الفاتحة المباركة لكلّ سانحة يحسن لدى المولى مستقرّها ومثواها؛ لا برح المقام العالي يستبشر لكماة الإسلام بكلّ فضل وبكل نعمى، ويفرح بسرح الكفر إذا انتهك وبسفح الملك إذا يحمى، وبسمع الشّرك إذا يصمّ وبقلبه إذا يصمى؛ والله الموفق.
[الجملة الثانية (في المكاتبات إلى عرب البحرين ومن انضاف إليهم)]
قد تقدّم في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية أنّ بلاد البحرين لم تزل بيد العرب، وأنها صارت الآن بيد بني عقيل- بضم العين- من بني عامر بن صعصعة، من هوازن، من قيس عيلان، من العدنانية. قال في «التعريف» : ومنهم قوم يصلون إلى باب السلطان وصول التّجّار، يجلبون جياد الخيل وكرام المهاري واللّؤلؤ وأمتعة من أمتعة العراق والهند، ويرجعون بأنواع الحباء والإنعام والقماش والسّكّر وغير ذلك؛ ويكتب لهم بالمسامحة فيردون