فأما الأمير الأسفهسلار فخر الملك رواج وبعثك له على الوصول إلى الباب، وحضّك إيّاه على التعلّق من الخدمة بمحصد الأسباب، فما كان الإذن له في ذلك إلّا لأنّ كتابه وصل بملتمسه، وعرض فيه نفسه وبذل المناصحة والخدمة، ويسأل سؤال من يعرف قدر العارفة بالإجابة إليه وموقع النعمة، فأجيب إلى ذلك إسعافا له بمراده، وعملا برأي الدولة فيمن يرغب إلى التحيّز إليها من أقطاره وبلاده، وإلا فلا حاجة لها إليه ولا إلى غيره؛ لأن الله تعالى- وله الحمد- وفّر حظّها من الأولياء والأشياع، والأنصار والأتباع، والعساكر والجيوش والأجناد والأنجاد، والأعوان الأقوياء الشّداد، وعبيد الطاعة الذين يتبارون في النّصح ويتنافسون في الاجتهاد والحرص، وسعة الأموال، وعمارة الأعمال، وجمع الرّجال في العزائم بين الأفعال والأقوال ولو وصل المذكور لكانت المنّة للدولة عليه، والحاجة له في ذلك لا إليه، قال الله عز من قائل:
وأمّا توجهه إلى طرابلس وظفره بقومصها وقتله إيّاه مع من بها، وعظيم أمره فيها؛ فالله تعالى يعزّ الإسلام وينشر لواءه، ويعلي مناره ويخذل أعداءه، وينصر عساكره وأجناده، ويبلّغه في أحزاب الكفر والضلال مراده، وهو عز وجلّ يمتّعك من الولاء بما منحك، وينيلك في دينك ودنياك أملك ومقترحك؛ فاعلم هذا واعمل به، إن شاء الله تعالى» .
الأسلوب الثاني (أن يفتتح الجواب بلفظ «أمّا بعد» )
كما كتب عن المقتفي إلى السلطان محمود «٢» بن محمد السّلجوقيّ جوابا