«من عبد الله ووليّه عبد المجيد أبي الميمون الإمام الحافظ لدين الله أمير المؤمنين، إلى الأمير فلان.
أما بعد، فإنه عرض بحضرة أمير المؤمنين كتابك من يد فتاه ووزيره، وصفيّه وظهيره، السيد الأجل الأفضل، الذي بذل نفسه في نصرة الدين تقى وليانا، وأوضح الله للدولة الحافظيّة بوزارته حجّة وبرهانا، وأسبغ النعمة على أهلها بأن جعله فيهم ناظرا ولهم سلطانا، ووفّقه في حسن التدبير، والعمل بما يقضي بمصالح الصغير والكبير وبما أعاد المملكة إلى أفضل ما كانت عليه من النّضرة والبهجة، ولم يخرج المادحون لها إذا اختلفوا عن التحقيق وصدق اللهجة، فقد ساوت سياسته بين البعيد والقريب، وأخذ كلّ منهما بأجزل حظّ وأوفر نصيب، وسارت سيرته الفاضلة في الآفاق مسير المثل، واستوجب من خالقه أجر من جمع في طاعته بين القول والعمل. وشفع عرضه من وصفك وشكرك، والثناء عليك وإطابة ذكرك، وأنهى ما أنت عليه من الولاء، وشكر الآلاء، بما يضاهي ما ذكرته فيه مما علم عند تلاوته، وأصغي إلى عند قراءته.
وقد استقرّ بحضرة أمير المؤمنين مكانك من المشايعة، وموقعك من المخالصة وكونك من ولاء الدولة على قضية كسبتك «١» شرفا تفيّأت ظلاله، وأفاضت عليك ملبسا جررت أذياله، وسمت بك إلى محلّ لا يباهي من بلغه ولا يطاول من ناله، وكنت في ذلك سالكا للمنهج القويم، ومعتمدا ما أهل بيتك عليه في القديم؛ ولا جرم «٢» أنه عاد عليك من حسن رأي أمير المؤمنين بما تقصر عنه كلّ أمنيّة، ويشهد لك بمخالصة جمعت فيها بين عمل ونيّة، والله يضاعف أجرك على اعتصامك من طاعة أمير المؤمنين، بالحبل المتين، ويوزعك شكر