الفصوص المذهبة والمرمر المصقول، وتحت نسره عمودان مجزّعان «١» بالحمرة لم ير مثلهما، يقال إن الوليد اشتراهما بألف وخمسمائة دينار، وفي المحراب عمودان صغيران يقال إنهما كانا في عرش بلقيس، وعند منارته الشرقية حجر يقال إنه قطعة من الحجر الذي ضربه موسى عليه السلام فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا.
وقد ورد أن المسيح عليه السلام ينزل على المنارة الشرقية منه، ويقال إن القبّة التي فيها المحراب لم تزل معبدا لابتداء عمارتها وإلى آخر وقت. بناها الصابئة متعبّدا لهم، ثم صارت إلى اليونانيين فكانوا يعظّمون فيها دينهم، ثم انتقل إلى اليهود فقتل يحيى بن زكريا عليه السلام، ونصب رأسه على باب جيرون من أبوابه فأصابته بركته، ثم صار إلى النصارى فجعلتها كنيسة، ثم افتتح المسلمون دمشق فاتخذوه جامعها، وعلق رأس الحسين عليه السلام عند قتله في المكان الذي علق عليه رأس يحيى بن زكريا إلى أن جدّده الوليد، ويقال إن رأس يحيى عليه السلام، مدفون به، وبه مصحف عثمان الذي وجّه به إلى الشام.
قال في «الروض المعطار» : ويقال إن أول من وضع جداره الأول هود عليه السلام. وقد ورد في أثر أنه يعبد الله تعالى فيه بعد خراب الدنيا أربعين سنة.
[الجملة الثانية في نواحيها وأعمالها وما يدخل تحت حكم الولايات]
وقد ذكر في «التعريف» أن ولايتها من لدن العريش: حدّ مصر إلى آخر سلمية مما هو شرق بشمال وإلى الرّحبة مما هو شرق بجنوب. قال: وقد أضيف إليها في زمن سلطاننا بلاد جعبر «٢» ، وكان من حقها أن تكون مع حلب. وحينئذ فتكون ولايتها مشتملة على الشام الأعلى المتقدّم ذكره وما يليه وما يلي ما يليه،