ونهر المزّة، ونهر القنوات، ونهر باناس. واثنان شرقية وهما نهر يزيد، ونهر ثورا؛ ونهر بردى ممتدّ بينهما.
فأما نهر باناس ونهر القنوات، فهما نهرا المدينة حاكمان عليها ومسلّطان على ديارها، يدخل نهر باناس القلعة، ثم ينقسم قسمين: قسم للجامع وقسم للقلعة، ثم ينقسم كلّ قسم منهما على أقسام كثيرة ويتفرّق في المدينة بأصابع مقدّرة معلومة، وكذلك ينقسم نهر القنوات في المدينة، ولا مدخل له في القلعة ولا الجامع، ويجري في قنيّ مدفونة في الأرض إلى أن يصل إلى مستحقاتها بالدور والأماكن على حسب التقسيم، ثم تنصبّ فضلات الماء والبرك ومجاري الميضآت «١» إلى قنيّ معقودة تحت الأرض، ثم تجتمع وتتنهّر «٢» وتخرج إلى ظاهر المدينة لسقي البساتين.
وأما نهر يزيد، فإنه يجري في ذيل الصالحية المتقدّم ذكرها ويشقّ في بعض عمارتها.
وأما بقية الأنهار، فإنها تتصرف إلى البساتين والغيطان لسقيها، وعليها القصور والبنيان خصوصا ثورا فإنه نيل دمشق، عليه جلّ مبانيها وبه أكثر تنزهات أهلها، من يخاله يراه زمرّدة خضراء، لالتفاف الأشجار عليه من الجانبين «٣» .
وبها (جامع بني أميّة) وهو جامع عظيم، بناه الوليد بن عبد الملك بن مروان في سنة ثمان وثمانين من الهجرة، وأنفق فيه أموالا جمّة حتّى يقال إنه أنفق فيه أربعمائة صندوق في كل صندوق ثمانية وعشرون ألف دينار، وإنه اجتمع في ترخيمه اثنا عشر ألف مرخّم. قال في «الروض المعطار» : وذرعه في الطول من المشرق إلى المغرب مائتا خطوة وهي ثلاثمائة ذراع، وعرضه من القبلة إلى الشمال مائة خطوة وخمس وثلاثون خطوة وهي مائتا ذراع، وقد زخرف بأنواع الزّخرفة من