واعلم أنّ كل ما يكتب مع إهدائه قد يكتب مع استهدائه، إلّا أنّ الغالب مما جرت به عادة الكتّاب في الاستهداء طلب الأشياء المستظرفة الخفيفة المنّة دون ما يعظم خطره، اللهم إلّا أن يكون الاستهداء من الملوك ونحوهم فيطلب فيه ما جلّ وعظم.
والذي جرت عادة الكتّاب بالكتابة في استهدائه على أصناف:
الصنف الأوّل- آلات الكتابة: من الأدوية «١» والمداد والأقلام
: مما تقدّم ذكره في الإهداء.
أبو الفرج «٢» الببغاء في استهداء دواة:
أنفس الذّخائر وأشرف الآمال ما كان للفضل نسبا، وللصّناعة والحظوة سببا، وبالدّويّ تجتنى ثمرة الصّناعة، ويحتلب درّ الكتابة، وقد أوحش المملوك الدّهر مما كنت أقتنيه من نفائسها، وضايقه في وجود الرّضيّ على الحقيقة منها، فإن رأى مولانا أن يميط ببعض ما يستخدمه من حاليها أو عاطلها سمة عطلة المملوك، ويسمح بإهدائها إلى أهل تصريفه ويقابل بالنّجح والتقبّل رغبته، فعل، إن شاء الله تعالى.
وله في استهداء مداد:
التّنافس- أيدك الله- في أدوات الكتابة وآلات الصّناعة بحسب التّفاخر في ظهور النعمة، والتخيّر لبيان الإمكان والقدرة، وإلّا فسائر الدّويّ سواء فيما تصدره الأقلام عنها، وتستمدّه بطون الكتب منها؛ وأولى آلاتها بأن تتوفّر العناية