مصر يتوجه إلى القرافة فيصلّي في جامعها؛ ثم يركب في أوّل شعبان كذلك، ثم في نصفه كذلك.
الجلوس الثالث جلوسه في مولد النبي صلى الله عليه وسلم في الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل
وكان عادتهم فيه أن يعمل في دار الفطرة عشرون قنطارا من السّكّر الفائق حلوى من طرائف الأصناف، وتعبّى في ثلاثمائة صينية نحاس. فإذا كان ليلة ذلك المولد، تفرّق في أرباب الرسوم: كقاضي القضاة، وداعي الدعاة، وقرّاء الحضرة، والخطباء، والمتصدّرين بالجوامع القاهرة ومصر، وقومة المشاهد وغيرهم ممن له اسم ثابت بالديوان، ويجلس الخليفة في منظرة قريبة من الأرض مقابل الدار القطبيّة المتقدّمة الذكر (وهي البيمارستان المنصوريّ الآن) ثم يركب القاضي بعد العصر ومعه الشهود إلى الجامع الأزهر ومعهم أرباب تفرقة الصواني المتقدّمة الذكر، فيجلسون في الجامع مقدار قراءة الختمة الكريمة، وتسدّ الطريق تحت القصر من جهة السّيوفيين وسويقة أمير الجيوش، ويكنس ما بين ذلك ويرشّ بالماء رشّا، ويرشّ تحت المنظرة بالرمل الأصفر. ويقف صاحب الباب ووالي القاهرة على رأس الطّرق لمنع المارّة، ثم يستدعي القاضي ومن معه فيحضرون ويترجّلون على القرب من المنظرة ويجتمعون تحتها وهم متشوّفون لانتظار ظهور الخليفة، فيفتح إحدى طاقات المنظرة فيظهر منها وجهه، ثم يخرج أحد الاستاذين المحنّكين يده ويشير بكمه بأن الخليفة يردّ عليكم السلام، ويقرأ القرّاء ويخطب الخطباء كما تقدّم في ليالي الوقود فإذا انتهت خطابة الخطباء أخرج الأستاذ يده مشيرا بردّ. السلام كما تقدّم، ثم تغلق الطاقتان وينصرف الناس إلى بيوتهم، وكذلك شأنهم في مولد عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه الخاص في أوقات معلومة عندهم من السنة.