الحمد لله الّذي أرهف لمصالح دولتنا القاهرة من الأولياء، سيفا ماضيا، وجرّد لمهمّات خدمتنا الشريفة من الأصفياء، عضبا يغدو الملك عن تصرّفه الجميل راضيا، وجدّد السّعود في أيامنا الزاهرة لمن لا تحتاج هممه في عمارة البلاد المحروسة متقاضيا.
نحمده على نعمه الّتي تستغرق المحامد، وتستوجب الشّكر المستأنف على الحامد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مجاهد لأعدائها، مجاهر لإعلائها، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله أشرف الأنبياء قدرا، وأوّلهم في الرتبة مكانة وإن كان آخرهم عصرا، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين نهضوا بما أمروا، وعمروا الدّين قبل الدنيا فلم تتمكن الأياّم من [نقض]«١» ما عمروا، صلاة يتأرّج نشرها، ويتبلّج بشرها، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن أولى من عدق «٢» به من مهماتنا الشريفة أعمّها نفعا، وأحسنها في عمارة البلاد وقعا، وأكثرها لخزائن الأموال تحصيلا وجمعا، وأجمعها لمصالح الأعمال، وأضبطها لحواصل الممالك الّتي إذا أعدّ منها جبالا تلا عليها لسان الإنفاق: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ
«٣» ، من زانت عزمه نزاهته، وكمّلت قوّته في الحقّ خبرته ونباهته، وكان من أولياء دولتنا المعدّين لشدّ أركانها، وإشادة بنيانها، والنّهوض بمصالحها المتنوّعة، ونشر كلمة عدلها الّتي تغدو بالأدعية الصالحة مبسوطة وبالأثنية العاطرة متضوّعة.
ولما كان فلان هو الّذي أشير إلى محاسنه، ونبّه على إبريز فضله المظهر من معادنه، مع صرامة تخيف اللّيوث، ونزاهة تعين على عمارة البلاد الغيوث،