قال الله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ
«١» . ولمّا سمع الصدّيق رضي الله عنه هذه الآية، قال:(بلى والله إنّي لأحبّ أن يغفر الله لي) ثم عفا عمن نزلت بسببه، ومملوك مولانا أعزّ الله أنصاره فلان، قد اعترف بهفوة بدت منه، وزلّة نقلت عنه، ما يسعها إلّا عفو مولانا ومراحمه، وقدم على المملوك فكأنّه ما خرج عن ظلّ مولانا ولا فارقته معالمه، وسأل سؤال مولانا أن يشمله بالعفو، ويتجاوز له عن السّهو، ويرحم كبر سنّه وكبيرة جهله، ويرعى قدم هجرته لخدمة هذا الباب الذي نشأ عمرا طويلا في ظلّه، أهلا لأن تشمله عواطف أهله، وهو- كما عرف المملوك واطّلع عليه حيث كان في نيابة حماة- مشكور السّيرة بالاعتبار، ناهض الخدمة بالاختبار، ملازم لثرى الباب بعزم ما عليه غبار، وله على المملوك بالأمس حقّ خدمة وباليوم حقّ سؤال يشفع بهما في القلوب وهي كبار، والمسؤول من صدقات مولانا تجاوزه عن هفوته، وردّه إلى أمنه ووظيفته، وإجراؤه على عادة إقطاعه، وحاشاه في أيّام مولانا أن يقطع، بل حاشى المذكور أن لا يستخبر وأن لا يقطع، واستقراره في مكان خدمته، وإجابة سؤال المملوك في كل ما يتعلق بنجاح هجرته وعزمته، لا برح مولانا مأمول المنن الغائبة والحاضرة، والمقيمة والسائرة، مأهول الخواطر برفع ذكره وقدره في الدنيا والآخرة.
الشيخ جمال الدين بن نباتة:
لا زالت المحامد بذكرها متوّجة، ومقدّمات الفضل والفضائل من تلقاء شيمها منتجة، ومطالع الكرم والإكرام هادية إلى حرمها من اتّجه، تقبيل مواظب على الدعاء يرفعه، والولاء يجمعه، والثناء يقول بضّاع أرجه لا مما نضيّعه بل مما نضوّعه، [وينهي] أن عارض هذه الخدمة على عارض كرم مولانا الممطر، وبابه الذي هو لكبد الحاسد وفم الوارد مفطّر، فلان، لقضاء تعلّقات